الخميس، 23 فبراير 2012

جنات عدن







دار الصديقين السابقين المقربين المتقين



د.سهير البرقوقي\جَنَّاتُ عَدْنٍ







لعرض الشرائح فضلا تابعوا الرابط التالي:
http://www.scribd.com/doc/84836464/%D8%B4%D8%B1%D8%A7%D8%A6%D8%AD-%D8%AC%D9%86%D8%A9-%D8%B9%D8%AF%D9%86




إن الحَمْدَلله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ،ونعوذُ بالله مِن شُرُورِأنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.
من صدق في حب ربه الحق الرحيم الرءوف الودود, صدق في حب كتـــــابه العظيم العزيز المبــــــارك؛ فهــــــــو

البحـــر الذي لا تنضب بحــــوره, ولا تنتـــهي معانيـــه, ولا يشـــــبع القـــلب من تــــــلاوته وترتيــله, وكفاه شرفاً وعــزاً ورفــعةً أنه (كتاب الله), ومن مداد كلماته التي لا تنفد,وما تعظيمه إلا على قدر تعظيم (الله)



فيه الخيرية, وهو الروح والرحمة والهدى والشفاء, وهــــو النور المبين لصدورنا, والغذاء لأرواحنا, والربيع لقلوبنا، والجلاء لهمومنا وأحزاننا, وفيه الهداية للصراط المستقيم





مقدمة

اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا فأنت تعلم ولا نعلم ولا حول لنا ولا قوة إلا بك وحدك فأنت الموفق وأنت الرزاق, هذا بحث مبسط لجنات عدن من كتاب الله الحق العظيم وبعض الشروح
اللهم أنت المستعان وعليك التكلان؛
الغاية من خلق الناس هي: توحيد الله جل وعلا,  لقوله تعالى:
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) الذاريات56, يؤكدها (وَاعْبُدُواْ اللّهَ وَلاَ تُشْرِكُواْ بِهِ شَيْئًا) النساء 36  , قال البغوي رحمه الله في شرحه لقوله تعالى: ( اعبدوا رَبَّكُمُ ) وحدوه .     
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كل عبادة في القرآن فهي توحيد.
والغاية من العبادة هي تحقيق العبادة العظيمة: التقــــــوى , والدليل قوله تعالى:
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (21) البقرة
قال بن عثيمين رحمه الله في تفسير لقوله تعالى: { لعلكم تتقون }؛ "لعل" هنا للتعليل, أي لتصلوا إلى التقوى؛ ومعلوم أن التقوى مرتبة عالية, وما وصل الصديقون السابقون المقربون بدونها إلى هذه المنزلة العالية , أن التقوى مرتبة عالية لا ينالها كل أحد إلا من أخلص العبادة لله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: (لعلكم تتقون)
ــ ومن أهم أسباب إخلاص العبادة لله والوصول لدرجة التقوى كما ذكر الشيخ ــ
الحث على طلب العلم؛ إذ لا تمكن العبادة إلا بالعلم...  انتهى
 هذا وفي كتاب الله ما يدل على أن أعلى المتقين هم الصديقين, من خلال ذكر صفاتهم وأحوالهم و جزاؤهم لقوله تعالى: (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) الواقعة10ـ12 , وذكر في جزاء المتقين: (ِنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ ) القلم34 , وجنات النعيم هي أعلى درجات الفردوس الأعلى بجنات عدن التي شرفها الله جل وعلا وخلقها بيده سبحانه وتعالى.
ولعظمة التقــــوى هذه العبادة القلبية التي لا يقبل الله تعالى إلا عمل أهلها أعد الله لهم منزلة عظيمة عالية في الفردوس الأعلى هي جنـــــــات عــــــــــدن..    ـ نسأل الله من فضله ـ
يروي الإمام الذهبي رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ).
رواه الطبري في "جامع البيان" جميعهم من طرق عن عُبيد المُكْتِب عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما
حديث صحيح الإسناد ووافقه الذهبي . والحديث وإن كان موقوفا على ابن عمر, إلا أنه ثبتت له شواهد صحيحه
ثبت أن الله سبحانه وتعالى قد خص أشياء معينة بأنه خلقها بـيده  سبحانه وتعالى دون سائر المخلوقات ، من هذه الأمور :   خلق آدم .
دليل ذلك قوله عز وجل : ( قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ص/75 .
   وغرس جنة عدن بيده سبحانه ؛
دليله: قال سفيان :  "سأل موسى ربه ما أدنى أهل الجنة منزلة قال هو رجل يجيء بعد ما أدخل أهل الجنة الجنة, فيقال له: ادخل الجنة, فيقول: أي رب كيف وقد نزل الناس منازلهم وأخذوا أخذاتهم؟ فيقال له: "أترضى أن يكون لك مثل ملك ملك من ملوك الدنيا؟"
فيقول: رضيت رب!!
فيقول: "لك ذلك ومثله ومثله ومثله ومثله" ’ فقال في الخامسة: رضيت رب.
فيقول: "هذا لك وعشرة أمثاله ولك ما اشتهت نفسك ولذت عينك", فيقول: رضيت رب.
قال رب: فأعلاهم منزلة؟؟
قال:"أولئك الذين أردت, غرست كرامتهم بيدي, وختمت عليها, فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر".
قال ومصداقه في كتاب الله عز وجل: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) ص 177
رواه مسلم برقم (312) .
وهذا ما يعنينا وسيدور حوله البحث بحول من الله وقوة .

مما نلاحظه أن الإنسان بطبيعته يحب النظر للمناظر الخلابة كهذا المنظر وغيره من الأشجار والأنهار والأطيار والقصور ..., وما علم أن تلك المشاعر التي تدغدغ قلبه ما هي إلا لشوقه وحنينه للعودة لدياره الحقيقية.



 جنات  عدن

   قال ابن عباس رضي الله عنهما: الأمر في هذا أجل وأعظم من أن يعرف تفسيره.
الجنات ذكرت 68 مرة في القرآن الكريم، منها 11 مرة مقترنة بكلمة ( عدن )، و9 مرات فقط مقترنة بـــ ( النعيم),  ومرة واحدة فقط بــ ( الفردوس ) في الآية 107 سورة الكهف, ووردت أيضا الفردوس مرة منفردة، ومرة واحدة مقترنة بــ ( المأوى ) الآية 19 السجدة،.         معنى كلمة جنة: مأخوذة من جنَّ بمعنى ستر وأخفى, ومنه الجنين وهو الطفل ما دام مستوراً في بطن أمه, كأننا نقول كلمة (جنَّة) إنما تعني النعيم الخفي المستور الذي يجده الإنسان في قرارة نفسه ولا يطَّلع عليه أحد سواه.
معاني جنات (عدن) من كتاب الله, التي أعدها للمتقين من عباده اللذين أنعم عليهم من خلال شرح المفسرين لقوله تعالى: (فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ):
قال الطبري رحمه الله تعالى: قيل: إنما قيل لها(جنات عدن), لأنها دارُ الله التي استخلصها لنفسه، ولمن شاء من خلقه من قول العرب: " عَدَن فلان بأرض كذا ", إذا أقام بها وخلد بها, ومنه " المَعْدِن ", ويقال: " هو في معدِن صدق ", يعني به: أنه في أصلٍ ثابت؛         عن الضحاك: في (جنات عدن)، قال: هي مدينة الجنة, فيها الرُّسُل والأنبياء والشهداء، وأئمة الهدى, والناس حولهم بعدُ, والجنات حولها.   انتهى
 قال القرطبي رحمه الله تعالى: أي في دار إقامة, يقال : عدن بالمكان إذا أقام به ; ومنه المعدن؛ وقال عطاء الخراساني:" جنات عدن " هي قصبة الجنة , وسقفها عرش الرحمن جل وعز, وقال ابن مسعود : هي بطنان الجنة؛
وقال الحسن رحمه الله تعالى : هي قصر من ذهب لا يدخلها إلا نبي أو صديق أو شهيد أو حكم عدل.
وقال مقاتل والكلبي : عدن أعلى درجة في الجنة , وفيها عين التسنيم , والجنان حولها محفوفة بها , وهي مغطاة من يوم خلقها الله حتى ينزلها الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون ومن يشاء الله .   انتهى        
عن سمرة بن جندب - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم  : "الفردوس ربوة الجنة و أعلاها و أوسطها ، و منها تفجر أنهار الجنة"صحيح
قال النبي - صلى الله عليه وسلم  : "إن في الجنة مائة درجة ، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض ، والفردوس أعلاها درجة ،ومنها تفجر أنهار الجنة الأربعة ، ومن فوقها يكون العرش ، فإذا سألتم الله فاسألوه الفردوس " صحيح
يروي الإمام الذهبي رحمه الله عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : ( خلق الله أربعة أشياء بيده : العرش ، والقلم ، وآدم ، وجنة عدن ، ثم قال لسائر الخلق : كن فكان ) صحيح وافقه الذهبي, مما اختص وشرف الله: أن خلق جنات عدن بيده سبحانه وتعالى, دليله ما ذكرناه سابقا, ما ورد عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ أَرَدْتُ : غَرَسْتُ كَرَامَتَهُمْ بِيَدِي ، وَخَتَمْتُ عَلَيْهَا ، فَلَمْ تَرَ عَيْنٌ ، وَلَمْ تَسْمَعْ أُذُنٌ ، وَلَمْ يَخْطُرْ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ) رواه مسلم برقم (312) . هذه الجنة هي التي فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر , وفيها قرة عين لا تنقطع ... حق لها, يكفي أن الله شرفها على بقية الجنان فخلقها بيده سبحانه وتعالى, فهلا استشعرت قلوبنا عظمة وروعة هذه الجنة من كمال وعظمة خالقها سبحانه وتعالى؟؟ وهلا تذللت لربها وتضرعت له بأن يجعلها ممن أراد وغرس كرامتهم بيده؟؟
صفة هذه الجنات العالية  "الفردوس الأعلى" ونعيم أهلها
وهذه الجنان أكرم (الله) بها المتقين من عباده اللذين أنعم عليهم:
 (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ )الحجرات:11
ــ لهم فيها ما يشاءون, وكلمة ما يشاءون تغنينا عن التعداد فمهما عددنا لن نحصى!!
  لقوله تعالى: (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ ) النحل:31
وقال تعالى: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ ٱلْكِتَـٰبِ ءَامَنُوا۟ وَٱتَّقَوْا۟ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّـَٔاتِهِمْ وَلَأَدْخَلْنَـٰهُمْ جَنَّـٰتِ ٱلنَّعِيمِ) المائدة65

من خلال آيات جزاء المتقين في الآخرة سنعرف وصف جنات (عدن):
ــ شرفها الله بقربها منه ,وهذا دليل كرامتها ومنزلتها العالية, وفيها نهر بمعنى نهر وجاءت بمعنى نور, حيث قال تعالى: (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ* فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِر ) القمر:55،54 
قال القرطبي رحمه الله في شرح هذه الآية: {فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ} أي مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وهو الجنة {عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ} أي يقدر على ما يشاء. و {عِنْدَ} ها هنا عندية القربة والزلفة والمكانة والرتبة والكرامة والمنزلة. قال الصادق: مدح الله المكان الصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق؛ وقال عبد الله بن بريدة: إن أهل الجنة يدخلون كل يوم على الجبار تبارك وتعالى، فيقرؤون القران على ربهم تبارك وتعالى، وقد جلس كل إنسان مجلسه الذي هو مجلسه، على منابر من الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة بقدر أعمالهم، فلا تقر أعينهم بشيء قط كما تقر بذلك، ولم يسمعوا شيئا أعظم ولا أحسن منه، ثم ينصرفون إلى منازلهم، قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد.   انتهى

ــ هي الجنة التي يجتمع الرب فيها بأنعم خلقه ممن يرون وجه ربهم الجميل الكريم مرتين يوميا وممن يتنعمون بسماع رضوانه عليهم و ليست تجري من تحت غرفها الأنهار فقط وإنما تجري من تحتها بأكملها الأنهار؛ لقوله تعالى: ( لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا۟ عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّـٰتٌۭ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَ‌ٰجٌۭ مُّطَهَّرَةٌۭ وَرِضْوَ‌ٰنٌۭ مِّنَ ٱللَّهِ ۗ وَٱللَّهُ بَصِيرٌۢ بِٱلْعِبَادِ) ُ  آل عمران 15
قال القرطبي رحمه الله في شرحها: الرضوان مصدر من الرضا , وهو أنه إذا دخل أهل الجنة يقول الله تعالى لهم: ( تريدون شيئا أزيدكم ) ؟ فيقولون : يا ربنا وأي شيء أفضل من هذا ؟ فيقول : ( رضاي فلا أسخط عليكم بعده أبدا ) أخرجه مسلم.
** قال السعدي رحمه الله في شرحه لقوله تعالى: (وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ وَمَسَـٰكِنَ طَيِّبَةًۭ فِى جَنَّـٰتِ عَدْنٍۢ ۚ ذَ‌ٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ) الصف12:
(وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ‏)‏ قد زخرفت وحسنت وأعدت لعباد اللّه المتقين، قد طاب مرآها، وطاب منزلها ومقيلها، وجمعت من آلات المساكن العالية ما لا يتمنى فوقه المتمنون، حتى إن اللّه تعالى قد أعد لهم غرفا في غاية الصفاء والحسن، يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها‏.‏
** وقال البغوي رحمه الله : قال مقاتل و الكلبي: "عدن" أعلى درجة في الجنة، وفيها عين التسنيم، والجنان حولها، محدقة بها، وهى مغطاة من حين خلقها الله تعالى حتى ينزلها أهلها: الأنبياء والصديقون والشهداء والصالحون، ومن شاء الله، وفيها قصور الدر واليواقيت والذهب، فتهب ريح طيبة من تحت العرش فتدخل عليهم كثبان المسك الأذفر الأبيض. "ورضوان من الله أكبر" أي: رضا الله عنهم أكبر من ذلك، "ذلك هو الفوز العظيم".
ولو لم يكن إلا هذا الشرف لكفاها, والإنسان يتنعَّم في هذه الدنيا إذا شاهد المخلوقات الجميلة، ويستغرق في السرور بمشاهدتها كلما كانت جميلة رائعة فكيف يكون سروره إذا هو نظر إلى جمال خالقه الذي خلق الكون وخلق ما فيه من المخلوقات الجميلة؟. وهل النظر يا تُرى إلى الخالق أجمل، أم النظر إلى المخلوقات التي تستمد جمالها منه تعالى، فهي أثر من آثاره وجمالها نقطة من بحور جماله؟






 
ــ فيها قرة عين لا تنقطع, فيها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر, لقول المصطفى صلى الله عليه وسلم في الحديث القدسي :"أولئك الذين أردت, غرست كرامتهم بيدي, وختمت عليها, فلم تر عين ولم تسمع أذن ولم يخطر على قلب بشر". ؛ قال ومصداقه في كتاب الله عز وجل:  (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) ص 177 رواه مسلم؛
قال البغوي رحمه الله تعالى: { قُرَّةَ أَعْيُنٍ }وحد القُرَّةَ لأنها مصدر، وأصلها من البرد، لأن العرب تتأذى من الحر وتستروح إلى البرد، وتذكر قرة العين عند السرور، وسخنة العين عند الحزن؛ وقال الأزهري: معنى قرة الأعين: أن يصادف قلبه من يرضاه، فتقر عينه به عن النظر إلى غيره.
وقال القرطبي في تأويلها: قال ابن سيرين: المراد به النظر إلى الله تعالى. وقال الحسن: أخفى القوم أعمالا فأخفى الله تعالى لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت.
قال السعدي رحمه الله: فكما صلوا في الليل، ودعوا، وأخفوا العمل، جازاهم من جنس عملهم، فأخفى أجرهم. انتهى
(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ* فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُون)  السجدة 16ـ17
أي: فلا يعلم أحد عظمة ما أخفى الله لهم في الجنات من النعيم المقيم، واللذات التي لم يطلع على مثلها أحد، لَمَّا أخفوا أعمالهم, أخفى الله لهم من الثواب، جزاء وفاقا؛ فإن الجزاء من جنس العمل.
قال الحسن البصري رحمه الله تعالى: أخفى قوم عملهم فأخفى الله لهم ما لم تر عين، ولم يخطر على قلب بشر. رواه ابن أبي حاتم؛ ...
قال السعدي رحمه الله في شرح قوله تعالى: (رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا) الفرقان74 , (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا)أي: قرنائنا من أصحاب وأقران وزوجات، (وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) أي: تقر بهم أعيننا؛ وإذا استقرأنا حالهم وصفاتهم عرفنا من هممهم وعلو مرتبتهم أنهم لا تقر أعينهم حتى يروهم مطيعين لربهم عالمين عاملين وهذا كما أنه دعاء لأزواجهم و ذرياتهم في صلاحهم فإنه دعاء لأنفسهم لأن نفعه يعود عليهم ولهذا جعلوا ذلك هبة لهم فقالوا: { هَبْ لَنَا } بل دعاؤهم يعود إلى نفع عموم المسلمين لأن بصلاح من ذكر يكون سببا لصلاح كثير ممن يتعلق بهم وينتفع بهم.
ــ من أوصافها أنها جنات كثيرة, لأنها اقترنت بكلمة جنات ولم تقترن بكلمة جنة, قال الرسول صلى الله عليه وسلم: ( يا أم حارثة ، إنها جنان في الجنة ، وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى ) البخاري , ونعيمها دائم غير منقطع لذلك جاء وصفها بالنعيم , بمعنى أني حين أسأل الله جنات النعيم فقد سألته جنات عدن وهي "جنات الفردوس الأعلى" , وكذلك أهلها خالدين فيها, فقد وصفها الله جل وعلا بجنة الخلد: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ و لأدخلناهم جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) المائدة:65
وقوله تعالى: (إنَّ لِلْمُتَّقِينَ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ)  القلم 34
وقوله تعالى: ( إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍۢ وَنَعِيمٍۢ ) الطور 17
وقوله تعالى : (قلْ أَذَلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ)  الفرقان 15

ــ عرضها كعرض السموات والأرض معا, فما بالنا بطولها؟!!  ـ الله أكبرـ
لقوله تعالى (وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) آل عمران:133
ــ غرفها مبنية فوق بعضها البعض تجري من تحت الغرف الأنهار, فياله من منظر رائع تتوق له القلوب ,ومهما خطر على القلوب فالجنة نعيمها أعظم ؛
قال تعالى: ( لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ ) الزمر:20
وذكر أيضا أن من جزاؤهم الغرفة في سورة الفرقان آية 75  وهي تأتي بمعنى الغرف, قال الشنقيطي رحمه الله: قوله تعالى: (أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا) .
الظاهر أن المراد بالغرفة في هذه الآية الكريمة جنسها الصادق بغرف كثيرة؛ كما يدلّ عليه قوله تعالى: (وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ) ، وقوله تعالى: (لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ) .
وقال الشوكاني رحمه الله : والغرفة : الدرجة الرفيعة ، وهي أعلى منازل الجنة وأفضلها.

ــ هي الجنة التي يجتمع فيها الأحبة في (الله) والخلان اللذين جمعهم حب الله وذكره (الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ ) الزخرف67 جاء في تفسيرها في مفاتيح الغيب:  إن كان الموجب لحصول المحبة في الدنيا الاشتراك في محبة الله وفي خدمته وطاعته، فلا جرم كانت هذه المحبة باقية في القيامة، بل كأنها تصير أقوى وأصفى وأكمل وأفضل مما كانت في الدنيا.  انتهى   
قال تعالى: ( إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍۢ وَعُيُونٍ* ٱدْخُلُوهَا بِسَلَـٰمٍ ءَامِنِينَ* وَنَزَعْنَا مَا فِى صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَ‌ٰنًا عَلَىٰ سُرُرٍۢ مُّتَقَـٰبِلِينَ* لَا يَمَسُّهُمْ فِيهَا نَصَبٌۭ وَمَا هُم مِّنْهَا بِمُخْرَجِينَالحجر 45 ـ 48 , وهذه السرر مصفوفة كما جاء وصفها في قوله تعالى: ( إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ فِى جَنَّـٰتٍۢ وَنَعِيمٍۢ* فَـٰكِهِينَ بِمَآ ءَاتَىٰهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقَىٰهُمْ رَبُّهُمْ عَذَابَ ٱلْجَحِيمِ* كُلُوا۟ وَٱشْرَبُوا۟ هَنِيٓـًٔۢا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون﴾ الطور 17 ـ 19

ــ لهم أعظم النعيم في هذين الوقتين الفاضلين بكرة وعشية: نهاية الليل ونهاية النهار: رزق عظيم مما يشتهون مما لذ وطاب , قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة غرفا يرى ظاهرُها من باطنها، وباطُنها من ظاهرها، أعدها الله لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام"صحيح بن حبان والطبراني , سبحان الله؛ هذان الوقتان هما: وقت السحور والإفطار, وقت التسبيح والأذكار, وقت ساعة الاستجابة يوم الجمعة, وقت مباهاة الله بعباده يوم عرفة, ووقت نزول الرب في الأسحار إلى السماء الدنيا, وهذه الأعمال كلها قلبية ولا يعلم حقيقتها إلا الله مهما ظهر منها, لذلك هما الوقتان اللذان يتنعم فيهما أسعد أهل الجنة برؤية وجه ربهم الكريم في جنات عدن!!
قال تعالى: (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا* لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا إِلَّا سَلَامًا وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا * تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَنْ كَانَ تَقِيًّا) مريم 61 ـ 63
قال القرطبي في تفسيرها: قوله تعالى: {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} أي لهم ما يشتهون من المطاعم والمشارب بكرة وعشيا أي قدر هذين الوقتين إذ لا بكرة ثم ولا عشيا.. قال مالك بن أنس طعام المؤمنين في اليوم مرتان وتلا قول الله عز وجل {وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيّاً} ثم قال: وعوض الله عز وجل المؤمنين في الصيام السحور بدلا من الغداء ليقووا به على عبادة ربهم وقيل: إنما ذكر ذلك لأن صفة الغداء وهيئته [تخلف] عن صفة العشاء وهيئته؛ وهذا لا يعرفه إلا الملوك وكذلك يكون في الجنة رزق الغداء غير رزق العشاء تتلون عليهم النعم ليزدادوا تنعما وغبطة..   انتهى
وقال الطبري: ولهم طعامهم وما يشتهون من المطاعم والمشارب في قدر وقت البُكرة ووقت العشيّ من نهار أيام الدنيا، وإنما يعني أن الذي بين غدائهم وعشائهم في الجنة قدر ما بين غداء احدنا في الدنيا وعشائه، وكذلك ما بين العشاء والغداء وذلك لأنه لا ليل في الجنة ولا نهار..
جاء في الدر المنثور: عن الوليد بن مسلم قال : سألت زهير بن محمد ، عن قوله : { ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً } قال : ليس في الجنة ليل ولا شمس ولا قمر ، هم في نور أبداً ، ولهم مقدار الليل والنهار ، يعرفون مقدار الليل بإرخاء الحجب ، وإغلاق الأبواب ، ويعرفون مقدار النهار برفع الحجب وفتح الأبواب ...
قال الشوكاني: ليست كسائر الجنات، وإنما هي جنات عدن، أي: جنات إقامة، لا ظعن فيها، ولا حول ولا زوال، وذلك لسعتها، وكثرة ما فيها من الخيرات والسرور، والبهجة والحبور.
{ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ } أي: التي وعدها الرحمن، أضافها إلى اسمه { الرَّحْمَنُ } لأن فيها من الرحمة والإحسان، ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب [بشر]. وسماها تعالى رحمته، فقال: { وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ } وأيضا ففي إضافتها إلى رحمته، ما يدل على استمرار سرورها، وأنها باقية ببقاء رحمته، التي هي أثرها وموجبها، والعباد في هذه الآية، المراد: عباد إلهيته، الذين عبدوه، والتزموا شرائعه، فصارت العبودية وصفا لهم..
قال السعدي: قوله: { بِالْغَيْبِ } يحتمل أن تكون متعلقة ب { وَعَدَ الرَّحْمَنُ } فيكون المعنى على هذا، أن الله وعدهم إياها وعدا غائبا، لم يشاهدوه ولم يروه فآمنوا بها، وصدقوا غيبها، وسعوا لها سعيها، مع أنهم لم يروها، فكيف لو رأوها، لكانوا أشد لها طلبا، وأعظم فيها رغبة، وأكثر لها سعيا، ويكون في هذا، مدح له بإيمانهم بالغيب، الذي هو الإيمان النافع، .... فيكون هذا مثل قوله: { فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } والمعاني كلها صحيحة ثابتة، ولكن الاحتمال الأول أولى، بدليل قوله: { إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا } لا بد من وقوعه، فإنه لا يخلف الميعاد، وهو أصدق القائلين.
{ لا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا } أي: كلاما لاغيا لا فائدة فيه، ولا ما يؤثم، فلا يسمعون فيها شتما، ولا عيبا، ولا قولا فيه معصية لله، أو قولا مكدرا، { إِلا سَلامًا } أي: إلا الأقوال السالمة من كل عيب، من ذكر لله، وتحية، وكلام سرور، وبشارة، ومطارحة الأحاديث الحسنة بين الإخوان، وسماع خطاب الرحمن، والأصوات الشجية، من الحور والملائكة والولدان، والنغمات المطربة، والألفاظ الرخيمة، لأن الدار، دار السلام، فليس فيها إلا السلام التام في جميع الوجوه. { وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا } أي: أرزاقهم من المآكل والمشارب، وأنواع اللذات، مستمرة حيثما طلبوا، وفي أي: وقت رغبوا، ومن تمامها ولذاتها وحسنها، أن تكون في أوقات معلومة؛ { بُكْرَةً وَعَشِيًّا } ليعظم وقعها ويتم نفعها... انتهى





 وإذا أردنا معرفة العبادات التي كانت سببا لهذا النعيم العظيم من سورة مريم لوجدناها باختصار : تحقيق التوحيد والتقوى, الصلاة, الزكاة, الصوم, التسبيح بكرة وعشيا, أخذ الكتاب بقوة بتلاوته وتدبره والعمل به, التفكر, اليقين بالبعث..

وقوله تعالى: (مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ ) محمد:15
وقوله تعالى : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ (41) وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ (42) كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ) المرسلات:41-43
وقوله تعالى: ــ سررها مصفوفة ( إِنَّ ٱلْمُتَّقِينَ في جَنَّـٰتٍۢ وَنَعِيمٍۢ (17).....وَأَمْدَدْنَـٰهُم بِفَـٰكِهَةٍۢ وَلَحْمٍۢ مِّمَّا يَشْتَهُونَ* يَتَنَـٰزَعُونَ فِيهَا كَأْسًۭا لَّا لَغْوٌۭ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌۭ*  وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ غِلْمَانٌۭ لَّهُمْ كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌۭ مَّكْنُونٌ﴾   الطور 17 ـ 24
وقوله تعالى: (هَـٰذَا ذِكْرٌۭ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَـَٔابٍۢ* جَنَّـٰتِ عَدْنٍۢ مُّفَتَّحَةًۭ لَّهُمُ ٱلْأَبْوَ‌ٰبُ* مُتَّكِـِٔينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَـٰكِهَةٍۢ كَثِيرَةٍۢ وَشَرَابٍۢ*  وَعِندَهُمْ قَـٰصِرَ‌ٰتُ ٱلطَّرْفِ أَتْرَابٌ)  ص 49ـ52
وقوله تعالى: ( مَّثَلُ ٱلْجَنَّةِ ٱلَّتِى وُعِدَ ٱلْمُتَّقُونَ ۖ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ ۖ أُكُلُهَا دَآئِمٌۭ وَظِلُّهَا ۚ)   الرعد35

ــ هي جنات وليست جنة واحدة وفيها عيون تجري, ولباس أهلها السندس والإستبرق الأخضر, وأساورهم من الذهب, وفيها "كل" أنواع الفاكهة:
( إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ* فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ* يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ* كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ* يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ) الدخان51ـ55
وقوله تعالى: (أُولَئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِيَابًا خُضْرًا مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقًا) (31) الكهف
خاتمة
قال النبي - صلى الله عليه وسلم: "إذا سألتم الله فسألوه الفردوس، فإنه سر الجنة" صحيح
ومن أعظم أفضال ربنا الكريم ذو الفضل الجواد سبحانه وتعالى أن جعل الفردوس "نزل" لمن آمن وعمل صالحا..!! فكيف بالدرجات العلى وخاصة جنات عدن؟؟!!  ـ نسأل الله من فضله ـ
قال تعالى: ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا ) الكهف / 107
قال السعدي رحمه الله تعالى: يحتمل أن المراد بجنات الفردوس : أعلى الجنة ، وأوسطها ، وأفضلها ، وأن هذا الثواب ، لمن كمل فيه الإيمان والعمل الصالح ، والأنبياء والمقربون؛
ويحتمل أن يراد بها : جميع منازل الجنان ، فيشمل هذا الثواب ، جميع طبقات أهل الإيمان ، من المقربين ، والأبرار ، والمقتصدين ، كل بحسب حاله ،
وهذا أولى المعنيين لعمومه ".
واختم بقول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين:
فحي على جنات عدن فإنها              منازلك الأولى وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى                 نعــود إلى أوطاننا ونسلم
فأخذ في أهبة السفر ، فانتقل إلى منزلة العزم وهو العقد الجازم على المسير ، ومفارقة كل قاطع ومعوق ، ومرافقة كل معين وموصل ، وبحسب كمال انتباهه ويقظته يكون عزمه ، وبحسب قوة عزمه يكون استعداده , فإذا استيقظ أوجبت له اليقظة الفكرة وهي تحديق القلب نحو المطلوب الذي قد استعد له مجملا ، ولما يهتد إلى تفصيله وطريق الوصول إليه, فإذا صحت فكرته أوجبت له البصيرة فهي نور في القلب يبصر به الوعد والوعيد ، والجنة والنار ، وما أعد الله في هذه لأوليائه ، وفي هذه لأعدائه ، فأبصر الناس وقد خرجوا من قبورهم مهطعين لدعوة الحق ، وقد نزلت ملائكة السماوات فأحاطت بهم ، وقد جاء (الله) ، وقد نصب كرسيه لفصل القضاء ، وقد نصب الميزان ، وتطايرت الصحف ، واجتمعت الخصوم ، وتعلق كل غريم بغريمه ، ولاح الحوض وأكوابه عن كثب ، وكثر العطاش وقل الوارد ، ونصب الجسر للعبور ، ولز الناس إليه ، وقسمت الأنوار دون ظلمته للعبور عليه ، والنار يحطم بعضها بعضا تحته ، والمتساقطون فيها أضعاف أضعاف الناجين, فينفتح في قلبه عين يرى بها ذلك ، ويقوم بقلبه شاهد من شواهد الآخرة يريه الآخرة ودوامها ، والدنيا وسرعة انقضائها.
والله أعلم , إن أصبت فمن الله وحده وإن أخطأت فمن نفسي والشيطان.



للإستماع للمادة الصوتية على اليو تيوب فضلا تابعونا:










لتحميل المادة بصيغة وورد أو بي دي اف نرجو الرجوع إلى الرابط التالي:


http://www.scribd.com/doc/82629481/%D8%AC%D9%86%D8%A7%D8%AA-%D8%B9%D8%AF%D9%86


0 التعليقات:

إرسال تعليق