الثلاثاء، 27 مارس 2012

Tafseer lessons\Alforqan






Dr.Soheir Elbarkooky. Alforqan Tafseer.








الأحد، 25 مارس 2012

العقيدة الصحيحة لابن باز رحمه الله.




د.سهير البرقوقي.العقيدة الصحيحة لابن باز رحمه الله.1




2\

4\



5\




يُتْبَعُ بحول الله وقوته




التفسير الموضوعي للفاتحة















مواطن الاستعاذة:
كما جاءت في الكتاب والسنة:
٤مواضع في القرآن :
1.                  الاعراف٢٠٠
2.                  المؤمنون٩٦-٩٨
3.                  فصلت ٣٤-٣٦
4.                  النحل٩٨-١٠٠
وثلاث مواضع بالسنة :
رقم ٥:
جاء في صحيح مسلم عن عثمان بن أبي العاص الثقفي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يارسول الله إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يلبسها علي,فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك شيطان يقال له خنزب, فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثاً.قال ففعلت فأذهبه الله عني.(صحيح مسلم \الحديث رقم ٢٢٠٣.
رقم ٦:
كما تُستحب الإستعاذة عند النزول في منزل أثناء السفر,فقد روى أبوداود بسنده من حديث ابن عمر قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر فأقبل عليه الليل قال: ياأرض ربي وربك الله أعوذ بالله من شرك وشر ماخلق فيك ومن شر مايدب عليك, ومن أسد وأسود ومن الحية والعقرب ومن ساكني البلد ووالد وماولد.(سنن أبي داود,الحديث رقم (٢٦٠٤)
رقم ٧(الرقية):
وتستخدم رقية لما يجده المؤمن من ألم في جسده فقد جاء في حديث عثمان ابن أبي العاص الثقفي رضى الله عنه أنه شكا  إلى رسول الله وجعا يجده في جسده منذ أسلم , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم (ضع يدك على الذي تألم من جسدك وقل: باسم الله ثلاثًا,وقل سبع مرات :أعوذ بالله وقدرته من شر ماأجد وأحاذر) (صحيح مسلم الحديث رقم (٢٢٠٢)).

صيغ الإستعاذة:
·    الصيغة الأولي (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ) ورد لها نص في القرآن.
·    والصيغة الثالثة (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه) ورد لها نص في السنة
·    أما الصيغة الثانية (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم أن الله هو  السميع العليم )  فهي تجمع بين الصيغة الأولى والثالثة ولكن ليس عليها دليل.
الاستعاذة ليست آية من القرآن الكريم إجماعا فم ترد بهذه الصيغة كاملة في كتاب الله بل جاءت بمضمونها.




ملاحظة
1.                  الخلاف بين الجمهور ومذهب داود الظاهري في كلمة (قرأت) وليس في (فاء التعقيب=الفاء حرف عطف يدل على السرعة والمباشرة) فالجمهور فسر معنى قرأت (إذا أردت القراءة) وداود الظاهري فسرها (بأنها على ظاهرها بأنها فعل ماضٍ انتهى)
2.قول الجمهور يدخل فيه تعليل داود الظاهري
الجمهور على أن الإستعاذة تكون قبل العمل لدفع الوسوسة أثناء العمل وبعد انتهاء العمل أما قول داود الظاهري بأنها بعد انتهاء العمل لدفع الوسوسة في التشكيك في الأداء والقبول فإنه لاتتضمن بداية العمل وأثنائه مع أنه قد يفسد علينا الشيطان عملنا ونيتنا وماصحت بدايته صحت نهايته ومافسدت بدايته لم تصح نهايته.
وهذا مما يرجح قول الجمهور.

المعنى الإجمالي للإستعاذة:
أمر الله سبحانه وتعالى عباده باللجوء إليه لحفظهم من مكايد عدوهم الأكبر ووساوس إبليس المطرود من رحمة الله سبحانه وتعالى , فإنه يحاول صرفهم عن تدبر القرآن الكريم بإلقاء الخواطر والشبهات عند أداء العمل , فمن لجأ إلى ربه حماه من شر أعدائه.



تفسير سورة الفاتحة

سورة الفاتحة أول سور القرآن ترتيبًا لا تنزيلاً وقد قيل:
 إنها أول سورة نزلت كاملة.(هنا ذكرنا ملاحظة ١\). وعدد آياتها سبع آيات بإتفاق العلماء مع خِلاف في عد البسملة آية منها أم لا واختلاف فواصلها(هنا ذكرنا ملاحظة ٢\).  

ملاحظة:١\
بعض السور نزلت جملة واحدة كالأنعام والفاتحة.وأكثر سور القرآن نزلت مفرقة.

نزول القرآن :
للقرآن نزولان :

المرة الأولى نزوله جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا وكان ذلك في ليلة القدر من رمضان وهو المقصود من قوله تعالى:
 (إنا أنزلناه في ليلة مباركة,إنا كنا منزلين ) الدخان
وقوله تعالى في سورة القدر (إنا أنزلناه في ليلة القدر)
أما النزول الثاني فهو نزوله من السماء الدنيا إلى النبي صلى الله عليه وسلم عن طريق الوحي بواسطة جبريل عليه السلام.(الوحي يطلق على جبريل وعلى القرآن وعلى السنة)
وكان النزول مفرقا خلال ثلاثة وعشرين سنة إما ابتداءً من الله سبحانه وتعالى بدون سبب وهذ جُل القرآن أو نزل لسبب إما جوابا لسؤال أو بيان لحادثة وقعت وهذا النزول هو المقصود في قوله تعالى :
(وقرآنا فرقناه لتقرأه للناس على مكث ٍونزَّلناه تنزيلاً)
فائدة:
إذا جاء في القرآن (نَزَلَ) يُقصد بها النزول الأول.
وإذا جاءت (نَزَّلَ) بالتشديد وأنزل يقصد بها النزول الثاني
مثال :
سورة النور (سورةٌ أنزلناها) وفي قراءة نزَّلناها بالتشديد وكلا القرآتين معناها نزلت مفرقة .
بينما قوله تعالى:
( نَزَلَ به الروح الأمين )
فيقصد بها نزوله جملة واحدة.

ملاحظة:٢\
رؤوس الآيات وفواصلها :هااام
الايات:
تحتوى معاني وحروف فالمعاني هي مضمون الآية
والحروف هي الفاظها المقروءة
 وآخر حرف من الآية هو رأسها
,وآخر حرف من المعنى هو فاصلتها .


ملاحظة:
المقصود برأس الاية خاتمتها والمقصود بالفاصلة الوقف على معنى, لذلك  قد يكون الوقف بوسط الآيه او نهايتها فمن هنا نشأ الخلاف هل هو وقف لفاصلة أم أنه وقف لرأس آيه .

ماسبب الخلاف في فواصل الايات :
وذلك بسبب وقفات النبي  صلى الله عليه وسلم على بعض الآيات في منتصفها على معنىً معين فهذا جعل الصحابة لايعلمون هل هي رأس آية ام وقفة من الوقفات التي وقف عليها جبريل عليه السلام وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم  مثله.
فلذلك اختلف العد في الايات فبعضهم عدها آيه وبعضهم عدها آيتين
هناك حديث للنبي فيما معناه انه قال: (كان جبريل عليه السلام يأتني بالوحي فيقول يامحمد ضع هذه الآية على رأس الأية كذا) فهذا يدل على ان ترتيب الايات توقيفي من الله لااجتهاد فيه بلاخلاف بين العلماء
 واما ترتيب السور فأكثر العلماء على ان جُل القرآن ترتيب سوره توقيفي والبعض فقط توفيقي باجتهاد من الصحابة  لكن بعد زمن الصحابة لم يعد هناك اجتهاد توفيقي بل صارت كل سور القرآن مرتبة ترتيبا توقيفيا جُله من الله وبعضه موقوفا على الصحابة.
مثال ذلك :
ترتيب سورة براءة بعد الأنفال فهذه كانت باجتهاد الصحابة حيث توفي النبي صلى الله عليه وسلم  ولم يبين لهم موضعها ولكن إجتهاد الصحابة بأن سورة التوبة مكملة للمعنى في سورة الأنفال ولابسملة فيها فعدوها كالسورة الواحدة وجعلوها بين السور الطوال بإعتبار مجموع عدد ايات السورتين معًا.








وسورة الفاتحة سمِّيت بذلك؛ لأنه افتتح بها القرآن الكريم؛

أَسْمَاؤها :
 ثبت لسورة الفاتحة أسماء كثيرة حتى وصلت مايقارب اثني عشر اسما  منها ماثبت بالنص ومنها مااستنبط من خلال ماقيل عنها وهذا يدل على  شرفها وفضلها لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى .
ملاحظة:
تُسمى السور بأكثر من اسم لسببين :
أولا: السبب اللفظي (وهو ماثبت بالنص)
وهو أن يُذكر اسم السورة  صريحًا لفظه في آياتها  أو يرد تصريحه في السنة الصحيحة وله حالتان:
أ\ وهو ماجاء ذِكر اسم السورة مصرحًا بلفظه  في آياتها وهذا أغلب سور القرآن مثل (سورة البقرة ) جاء فيها ذكر البقرة و(سورة الناس) جاء فيها لفظ الناس وهكذا باقي سور القرآن.                               
 ب\ وقد يكون اسمها مما أُفتُتِحت به السورة بصريحٍ  اللفظِ فتسمى السورة باسمه  مثل (سورة براءة أحد أسماء سورة التوبة) و(سورة الحمد أحد أسماء سورة الفاتحة لافتتاح السورة بها )
 وقد تجتمع الحالتين فتسمى السورة باسمين لسببٍ لفظي مثل سورة التوبة تسمى أيضا براءة وكلا الاسمين (التوبة وبراءة) موجود لفظها في السورة (براءة في أولها والتوبة في أثنائها).
ثانيًا: سبب معنوي(وهو ماثبت بالاستنباط)
 وهو ماكان مضمون السورة وهدفها يدل على اسمها مثل سورة الإخلاص وهي سورة الصمد وسميت الصمد لورود كلمة الصمد فيها (الله الصمد) وهذا سبب لفظي وسميت الإخلاص لأن مضمون معناها يتكلم عن الإخلاص وهذا سبب معنوي .فالسورة اسمين أحدهما لفظي           ( الصمد ) والآخرمعنوي (الإخلاص).
ملاحظة(قاعدة في السبب اللفظي والمعنوي):
إذا ورد نص صريح من القرآن أو السنة فهذا يُقال عنه (سبب لفظي نصي صريح) وإذا ورد الاسم من استنباط العلماء أو اجتهاد الصحابة والتابعين فهذا يُسمى (سبب معنوي استنباطي).
الخلاصة:
وهذا سبب وجود  أكثرمن اسم للسورة الواحدة:
·     فتارة تسمى بأول كلمة افتتحت بها (براءة والحمد)
·      وتارة تسمى بكلمة ورد ذكرها في ثنايا السورة مثل (التوبة,الصمد)
·      وتارة تُسمى باسم يناسب هدفها ومضمونها مثل (الإخلاص ) فلم يرد بها ذكرُ صريح بهذه الكلمة ولم تُستفتح بها السورة ولكن مضمونها كله يدور على الإخلاص.
التوبة سُميت التوبة لورود كلمة التوبة فيها صريحة (لآية ١٠٤ التوبة)>>>>هذا سبب لفظي صريح .
وسُميت التوبة أيضاً لأن مضمون السورة وهدفها يتحدث عن التوبة وحقيقتها وشروطها >>>> (هذا سبب معنوي) فاجتمع فيها سببين.

 وَللفاتحة اِثْنَا عَشَر اِسْمًا :
( الْأَوَّل ) :فَاتِحَة الْكِتَاب , مِنْ غَيْر خِلَاف بَيْن الْعُلَمَاء
وَسُمِّيَتْ بهذا الاسم لورود نص صريح  بِذَلِكَ في السنة في حديث مسلم  (من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده جبريل إذ سمع نقيضًا فوقه , فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال:هذا باب قد فُتِح من السماء مافُتِح قط ,قال:فنزل منه مَلك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك. فاتحة الكتاب,وخواتيم سورة البقرة,لم تقرأ حرفًا منهما إلاأعطيته){صحيح مسلم الحديث رقم (١٨٢٧) سنن النسائي الصغرى الحديث رقم (٩١٠) واللفظ له.
وهذا سبب لفظي صريح.
وأما السبب المعنوي لتسميتها بفاتحة الكتاب :
·     فلِأَنَّهُ اُفتتح بها القرآن الكريم
·     و تُفْتَتَح قِرَاءَة الْقُرْآن بِهَا لَفْظًا ,
·      وَتُفْتَتَح بِهَا الْكِتَابَة فِي الْمُصْحَف خَطًّا ,
·      وَتُفْتَتَح بِهَا الصَّلَوَات لحديث عُبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لاصلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب).

( الثَّانِي ) :الْحَمْد , لِأَنَّ فِيهَا ذِكْر الْحَمْدوابتدأت السورة به ; كَمَا يُقَال : سُورَة الْأَعْرَاف (لذِكر الأعراف فيها), وَالْأَنْفَال (لذِكر الأنفال فيها) , وَالتَّوْبَة (لذكِر التوبة), وَنَحْوهَا .وهذا  سبب لفظي أُفتتحت به السورة.

( الثَّالِث ) :أُمّ الْكِتَاب , وَفِي هَذَا الِاسْم خِلَاف , جَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرِهَهُ أَنَس وَالْحَسَن وَابْن سِيرِينَ .لأن فيه أقوال :
قَالَ الْحَسَن : أُمّ الْكِتَاب الْحَلَال وَالْحَرَام , ودليله قول الله تعالى:
 "منه  آيَات مُحْكَمَات هُنَّ أُمّ الْكِتَاب وَأُخَرُ مُتَشَابِهَات "[ آل عِمْرَان : 7 ]

وَقَالَ أَنَس وَابْن سِيرِينَ : أُمّ الْكِتَاب اِسْم اللَّوْح الْمَحْفُوظ .قَالَ اللَّه تَعَالَى : " وَإِنَّهُ فِي أُمّ الْكِتَاب " (الزُّخْرُف :4  )>>>> (وإنه) مقصود به القرآن,و(أم الكتاب) مقصود به اللوح المحفوظ .
ملاحظة:
سبب الخلاف أن أنس والحسن وابن سيرين أخذوا بمجمل القرآن بينما الجمهور أخذوا بصريح السنة فالسنة مُفصلة وشارحه لما أُجمل ذكره في القرآن .

 ( الْرابع ) :أُمّ الْقُرْآن , وَاخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا , فَجَوَّزَهُ الْجُمْهُور , وَكَرَّههُ أَنَس وَابْن سِيرِينَ ;
 وَالْأَحَادِيث الثَّابِتَة تَرُدّ هَذَيْنِ الْقَوْلَيْنِ:
·     حديث أبي هريرة: "من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن "فهي خداج" "ثلاثاً" غير تامة)
·      و حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (الحمد لله رب العالمين أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني)
فيبقى قول الجمهور هو الأصح بأن الفاتحة أم الكتاب وأم القرآن>> لأن فيه حديث صحيح يرد كلام الحسن وابن سيرين الذي اجتهدا به ولكن القاعدة تقول (لااجتهاد مع النص)
وهذا سببُ لفظيُ صريح في تسميتها بالحمد وأم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني.
قال يَحْيَى بْن يَعْمُر : أُمّ الْقُرَى : مَكَّة , وَأُمّ خُرَاسَان : مَرْو , وَأُمّ الْقُرْآن : سُورَة الْحَمْد (هذا هو الشاهد من قول يحيى بن يعمر)
ملاحظة:
أقوال التابعين والسلف  يُستأنس بها ولايُستدل بها وإنما دليلنا القرآن وصحيح السنة وأقوال الصحابة. (أي أن قول يحيي للاستئناس, أما حديث النبي صلى الله عليه وسلم فهو دليلنا).

 
لماذا سميت أم القرآن؟ وما معنى كلمة ( أم):

وَقِيلَ : سُمِّيَتْ أُمّ الْقُرْآن:
·     لِأَنَّهَا أَوَّله وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه ,
·      وَبِهِ سُمِّيَتْ مَكَّة أُمّ الْقُرَى لِأَنَّهَا أَوَّل الْأَرْض وَمِنْهَا دُحِيَتْ ,
·      وَمِنْهُ سُمِّيَتْ الْأُمّ أُمًّا لِأَنَّهَا أَصْل النَّسْل ,
·     وَالْأَرْض أُمًّا , فِي قَوْل أُمَيَّة بْن أَبِي الصَّلْت : فَالْأَرْض مَعْقِلنَا وَكَانَتْ أُمّنَا فِيهَا مَقَابِرنَا وَفِيهَا نُولَد
·     وَيُقَال لِرَايَةِ الْحَرْب : أُمٌّ ; لِتَقَدُّمِهَا وَاتِّبَاع الْجَيْش لَهَا .             وهنا سبب معنوي لتسمية الفاتحة بأم القرآن

( الخامِس ) :
السبع الْمَثَانِي:تسميتها معنويا ولفظيًا وقد جاء تسميتها بهذا الاسم لفظا في سورة الحجر في قوله تعالى (ولقد أتيناك سبعا من المثاني). وجاء أيضًا تسميتها بهذا الاسم في السنة في حديث أبي سعيد بن المُعلى (يُرجع للحديث في التفسير الموضوعي "٥- السبع المثاني") 
المثاني من الاستثناء ومن التثنية
التثنية :أي (من الإعادة والتكرار)-مثني (اثنين فأكثرأي تكرر وتعاد)
سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا تُثَنَّى فِي كُلّ رَكْعَة .
وَقِيلَ : سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّهَا اُسْتُثْنِيَتْ(من الاستثناء)  لِهَذِهِ الْأُمَّة فَلَمْ تَنْزِل عَلَى أَحَد قَبْلَهَا ذُخْرًا لَهَا .
وردت هذه المعاني في المواضع التالية في القرآن:
·     (ولقد آتيناك سبعًا من المثاني والقرآن العظيم) الحجر( 87)
·     (مثنى وثلاث ورُباع)....(النساء٣)
·     (مثاني تقشعر منه جلود الذين آمنوا)------مثاني أي في مضمونه آيات مكررة وترجع لبعضها في الأحكام والمعاني,اي اذا ورد في القرآن حكم حرام فالآيات كلها ترجع لهذا المعنى وتثنيه أي تكرره وتؤكده.


( السَّادس ) :الْقُرْآن الْعَظِيم
تسميتها معنويا لالفظيًا وقد جاء تسميتها بهذا الاسم لفظا في سورة الحجر في قوله تعالى (ولقد أتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم).
وسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِتَضَمُّنِهَا جَمِيعَ عُلُوم الْقُرْآن (انظري الفائدة) , وَذَلِكَ أَنَّهَا تَشْتَمِل عَلَى الثَّنَاء عَلَى اللَّه عَزَّ وَجَلَّ بِأَوْصَافِ كَمَالِهِ وَجَلَاله , وَعَلَى الْأَمْر بِالْعِبَادَاتِ وَالْإِخْلَاص فِيهَا , وَالِاعْتِرَاف بِالْعَجْزِ عَنْ الْقِيَام بِشَيْءٍ مِنْهَا إِلَّا بِإِعَانَتِهِ تَعَالَى , وَعَلَى الِابْتِهَال إِلَيْهِ فِي الْهِدَايَة إِلَى الصِّرَاط الْمُسْتَقِيم ; وَكِفَايَة أَحْوَال النَّاكِثِينَ , وَعَلَى بَيَانه عَاقِبَةَ الْجَاحِدِينَ
للفائدة:
القرآن يدور على ٣ محاور (عقيدة وعبادة وأخلاق): وسورة الفاتحة احتوت جميع هذه المحاور:
·     الثناء على الله ->>>>-عقيدة
·     الأمر بالعبادات والإخلاص فيها وعدم العجز عن القيام بها باإستعانة بالله >>عبادة
·     وآخرها خلق الدعاء والتضرع والإبتهال والإنكسار بين يدي الله >>> أخلاق
 الأخلاق تبدأ بطلب الهداية في قوله (اهدنا الصراط المستقيم) فالهداية في كل شيء حتى في أخلاقنا وكلامنا وأفعالنا فالثناء على الله  من الاخلاق والمتكبر لايثني على أحدغيره (فهو يُثني على نفسه فقط)
فالثناء من خلق المؤمن.
 فالله يعلمنا الاخلاق بتعليمنا الثناء عليه والتضرع بين يديه وتعلق القلب به وبهذا سميت القرآان العظيم لانها اشتملت على كل مقاصد وأهداف القرآن.
فالفاتحة تعدل القرآن كله لاحتوائها على الأهداف الثلاثة (عقيدة وعبادة وأخلاق) بينما {سورة (الإخلاص) تعدل ثلث القرآن لأنها اشتملت على عقيدة فقط (أسماء الله وصفاته) ولم يأت بها لاذكر عبادة ولا أخلاق}

(السابع):الشِّفَاء 
وقد يُقال عنها الشافية(وهذه تسمية لفظية صريحة ومعنوية لكنها مأخوذة من نصوص الأحاديث أما حديث الرقية فلم يأت بها لفظ  الشافية صريحا لكن مضمونها دل عليه ) وسميت بذلك  لأنه يُستشفى بها لِما ورد من حديث الُرقية لأن قصة الملدوغ خُتمت بأنه شُفي بعد قراءة الفاتحة. ولٍما رَوَاه الدَّارِمِيّ عَنْ أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ قَالَ                             { قَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :  ( فَاتِحَة الْكِتَاب شِفَاء مِنْ كُلّ سُمّ ) }.
( الثَّامِن ) :الصَّلَاة ,
 قَالَ اللَّه تَعَالَى في الحديث القدسيّ: ( قَسَمْت الصَّلَاةَ بَيْنِي وَبَيْنَ عَبْدِي نِصْفَيْنِ ) الْحَدِيث .وهذا سبب لفظي يرجع لحديث قدسي وفيها أيضًا سبب معنوي وهو أن الصلاة لاتقوم إلا بالفاتحة فكأنها نُسبت إليها وسُميت باسمها. (يُرجع للحديث من التفسير الموضوعي "٦-سورة الصلاة"

 






( التَّاسِع ) :الرُّقْيَة (وهذه تسمية لفظية صريحة ومعنوية لكنها مأخوذة من نصوص الأحاديثويُطلق عليها الراقية والدليل:
ثَبَتَ ذَلِكَ مِنْ حَدِيث أَبِي سَعِيد الْخُدْرِيّ وَفِيهِ : أَنَّ رَسُولَ اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِلرَّجُلِ , الَّذِي رَقَى سَيِّدَ الْحَيّ : ( مَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة )
فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّه شَيْء أُلْقِيَ فِي رَوْعِي .
قَالَ الْمُهَلَّب : إِنَّ مَوْضِع الرُّقْيَة مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ :" إِيَّاكَ نَعْبُد وَإِيَّاكَ نَسْتَعِين "  [ الْفَاتِحَة : الْآيَة 5 ] .
وَقِيلَ : السُّورَة كُلّهَا رُقْيَة , لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصلاة والسَّلَام لِلرَّجُلِ لَمَّا أَخْبَرَهُ :( وَمَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ) فقال أنها وَلَمْ يَقُلْ : أَنَّ فِيهَا رُقْيَة (الهاء تعود على الفاتحة بأكملها فتدل على العموم) ;
فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ السُّورَةَ بِأَجْمَعِهَا رُقْيَة , لِأَنَّهَا فَاتِحَة الْكِتَاب وَمَبْدَؤُهُ , وَمُتَضَمِّنَة لِجَمِيعِ عُلُومه , كَمَا تَقَدَّمَ وَاَللَّه أَعْلَم .
فائدة:
 ( مَا أَدْرَاك أَنَّهَا رُقْيَة ):
هذا سؤال تعجبي  تقريري  يفيدا تعجب النبي من عمل الصحابي وتقريره   بأن الفاتحة رُقية .
 وللفائدة: معاني السؤال في القرآن وفي لغة العرب :
الاستفهام في القرآن الكريم:

تعريف الاستفهام: لغةً مصدر استفهم ,وهو طلب الفهم, ,وغرضه طلب الإفهام لأمر يتعلق بشخص أو شيء ما والعلم به.
وأسلوب الاستفهام هو أسلوب لغوي من أساليب السؤال,يهدف إلى طلب الإفهام تصورًا(ان كان ليس عندي علم بالمعلومة )او  أو تصديقًا (تثبيت ماعندي من العلم أي عندي علم لكن أريد تصديقها), وقد ضمنه (الاستفهام) النحويون في الإنشاء الطلبي في اللغة العربية.
للإيضاح :
الجمل في اللغة العربية لاتخرج عن أمرين :
إما أن تكون إنشائية أو طلبية:
فالكلام اما خبري أو انشائي:
الخبري هو الذي يخبر عن شيء والإنشائي هو الذي فيه طلب شيء من فعل أو نهي فالخبر يحتمل الصدق أو الكذب أما الإنشاء فلا كذب فيه لأنه طلب جازم.
 ملاحظة:
أخبار الله ورسوله صلى الله عليه وسلم كلها صدق لاتحتمل الكذب قال تعالى عن نفسه :
(ومن أصدق من الله حديثا) و (ومن أصدق من الله قيلا)
وقال عن رسوله صلى الله عليه وسلم :
(وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)
مثال:قصص الأنبياءفي القرآن كلها خبرية صادقة لاكذب فيها لأنها خبر من الله .
بينما آيات الأحكام مثل إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فهي إنشائية طلبية . 
أنواع الاستفهام:
 قسمه النحويون إلى نوعين:
1.الاستفهام الحقيقي:
 يقصد به صاحبه معرفة ما يجهله.
 أي أنه يستفهم عن الحقيقة (وهذامعنى تصورًا)
2.الاستفهام المجازي:
 يعلم فيه صاحبه جوابه ولكنه يقصد معنى آخر يفهم من السياق بعد التأمل في النّص (وهذا معنى تصديقًا) .وأطلق عليه بعض النحويين الاستخبار.

أغراض الإستفهام:
الاستفهام كما ذكرت يأتي في طلب الإفهام (هذا ماذكرناه ابتداءً في معنى الاستفهام),ولكن في القرآن الكريم وكون الله سبحانه وتعالى عالم كل شئ,والله سبحانه وتعالى لا يستفهم خلقَه عن شيء، وإنما يستفهمهم ليقرّرهم ويذكّرهم أنهم قد علموا حق ذلك الشيء (وهذا استفهام مجازي وليس استفهام حقيقي)؛ فهذا أسلوب بديع انفرد به خطاب القرآن، وهو يغاير كلام البَشَر,فلهذا جاء الإستفهام بأغراض ودلالات وأُجملها في الآتي:
1.  استفهام انكاري ويقصد به الانكار على المُخاطب مثل قوله تعالى (ءّالله أمركم به أم على الله تفترون)هنا الله سبحانه ينكر عليهم فعلهم وافتراؤهم على الله
2.  سؤال تقريري ؤهو الذي يقصد به تقريرمعلومة (تثبيت واعتراف)  بمسألة او حكم. مثل قوله تعالى (أليس الله بكافِ عبده) و (أليس الله بأحكم الحاكمين) وقد يكون
3.   سؤال توبيخي ويقصد به التوبيخ على عمل أو قول منكر مثال: قوله تعالى (ألم تكن أرض الله واسعة)وقوله تعالى (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله ومانزل من الحق).
4.  السؤال التعجبي ويقصد به التعجب والإندهاش من شيءكقوله تعالى (كيف تكفرون بالله) وقوله تعالى على لسان  سليمان (ماليَ لاأرى الهدهد)

والسؤال في كتاب الله لايخرج عن واحدة من هذه المعاني وقد يجمع معنيين مثل توبيخي انكاري
أو انكاري تقريري:أي أن الله سبحانه ينكر أمر ويقر عكسه:
·     مثل قوله (أم يقولون افتراه)هنا ينكر عليهم قولهم ويثبت النبي لم يفتري القرآن.
·     وأيضا (أم عندهم علم الغيب فهم يكتبون) هنا ينكر عليهم علم الغيب ويثبت جهلهم وعدم اطلاعهم على الغيب.
إذا فأينما  جاء استفهام في كتاب الله فسيكون معناه  أحد هذه المعاني وقد يحوي واحداً من هذه المعاني أو اثنين والسياق يحدد ذلك .


( الْعَاشِر ) : الْأَسَاس:
 (وهذه تسمية لفظية ومعنوية لكنها ترجع إلى قول صحابي)
 شَكَا رَجُل إِلَى الشَّعْبِيّ وَجَع الْخَاصِرَة ; فَقَالَ : عَلَيْك بِأَسَاسِ الْقُرْآن فَاتِحَة الْكِتَاب , سَمِعْت اِبْنَ عَبَّاس يَقُول : لِكُلِّ شَيْء أَسَاس , وَأَسَاس الدُّنْيَا مَكَّة , لِأَنَّهَا مِنْهَا دُحِيَتْ ; وَأَسَاس السَّمَوَات عَرِيبَا , وَهِيَ السَّمَاء السَّابِعَة ; وَأَسَاس الْأَرْض عَجِيبَا , وَهِيَ الْأَرْض السَّابِعَة السُّفْلَى ; وَأَسَاس الْجِنَان جَنَّة عَدْن , وَهِيَ سُرَّة الْجِنَان عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الْجَنَّة ; وَأَسَاس النَّار جَهَنَّم , وَهِيَ الدَّرَكَة السَّابِعَة السُّفْلَى عَلَيْهَا أُسِّسَتْ الدَّرَكَات , وَأَسَاس الْخَلْق آدَم , وَأَسَاس الْأَنْبِيَاء نُوح ; وَأَسَاس بَنِي إِسْرَائِيل يَعْقُوب ; وَأَسَاس الْكُتُب الْقُرْآن ; وَأَسَاس الْقُرْآن الْفَاتِحَة ; وَأَسَاس الْفَاتِحَة بِسْمِ اللَّه الرَّحْمَن الرَّحِيم ; فَإِذَا اِعْتَلَلْت أَوْ اِشْتَكَيْت فَعَلَيْك بِالْفَاتِحَةِ تُشْفَى .  (خاتمة الكلام  يدل على أنها شافية أيضًا)
تنبيه:
هذا قول تابعي منقول عن صحابي (الشعبي تابعي سمع الحديث من ابن عباس وأوقفه عليه ولم ينسبه للنبي) ->>>> فيظل موقوفا على الصحابي والله أعلم بصوابه لأن هذه أمور غيبية (فالأمور الغيبية لابد أن يكون فيها وحي ثابت صريح)
اذا الصحابي قال قول في أمور غيبية فيعتبر قوله حجة لأنه بمثابة الموقوف على الصحابي ولايعقل أن يروي شيئا  غيبيًا لم يسمعه من النبي  لأنه لايتجرأ الصحابي أن يقول قولاً عن الغيب إن لم يكن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم .أما الأحكام الفقهية فقد يجتهد فيها الصحابي دون أن يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وقوله يكون حجة لأنه من خير القرون التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله  ( خير القرون قرني) أي أن الصحابي لايجتهد أو يقول من نفسه بأمور الغيب أو أخبار وقصص إن لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم.
أما كلام التابعي فقوله ليس بحجة.
ملاحظة خاصة:ينبغي الدقة والأمانة العلمية فيما نقول فالأمر ثقيلاً لأنه يُبلغ ويُنشر فلابد فيه من توفيق الكلام وصحته ونسب الكلام لقائله لأنه أمانة وفي ذلك تبرئة لأنفسنا إن لم يكن الكلام صحيحا .وتفسير القرآن أمر عظيم لأنه تبلغ عن الله فلابد من التحري في التبليغ بأمانه ومصداقية

( الْحَادِي عَشَر ) :الْوَافِيَة (من الإستيفاء وهو الإتيان بالشيء كاملاً).
و(هذه تسمية معنوية مأخوذه من قول سفيان بن عيينة)
وسبب تسميتها كما قَالَ سُفْيَان بْن عُيَيْنَةَ , لِأَنَّهَا لَا تَتَنَصَّف وَلَا تَحْتَمِل الِاخْتِزَال , وَلَوْ قَرَأَ مِنْ سَائِر السُّوَر نِصْفَهَا فِي رَكْعَة , وَنِصْفهَا الْآخَر فِي رَكْعَة لَأَجْزَأَ ; وَلَوْ نُصِّفَتْ الْفَاتِحَة فِي رَكْعَتَيْنِ لَمْ يُجْزِ .
الوافية :أي يجب توفيتها كاملة في الصلاة والقراءة (خارج الصلاة) فلا تقبل التجزئة.
 فمن قرأ أولها لابد أن يكملها إلى آخرها إن كانت القراءة بنية التلاوة
 لا للإستشهاد(أخذُ دليل من آياتها للاستشهاد يجوزأن تقرأ الشاهد فقط ولايشترط قراءتها كاملة وكذلك لو قرئت بداياتها كمقدمة للكلام أو الخطب أو الدعاء فيجوز)
{الاستشهاد, مقدمة للكلام أو الخطب أو الدعاء) >>>هذه أحوال قراءة الفاتحة مجزأة.

( الثَّانِي عَشَر ) :الْكَافِيَة (وهذه تسمية معنوية مأخوذة من قول يحيى بن أبي كثير )
وسُميت بذلك لأنها تكفي قارئها .
قَالَ يَحْيَى بْن أَبِي كَثِير :
لِأَنَّهَا تَكْفِي عَنْ سِوَاهَا وَلَا يَكْفِي سِوَاهَا عَنْهَا يَدُلّ عَلَيْهِ مَا رَوَى مُحَمَّد بْن خَلَّاد الْإسْكَنْدَرانِيّ قَالَ قَالَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أُمّ الْقُرْآن عِوَض مِنْ غَيْرهَا وَلَيْسَ غَيْرهَا مِنْهَا عِوَضًا ) .
ومعنى أنها الكافية أي:
· تكفي عن سواها (أي قرأتها وحدها تجزىء في الصلاة والصلاة تعتبر صحيحة ).
وأيضا الكافية للرجوع إليها في الأحكام ومقاصد القرآن بالإجمال أما التفصيل فجاء في في سور القرآن.




·      

هل السورة مكية أم مدنية:
اِخْتَلَفُوا أَهِيَ مَكِّيَّة أَمْ مَدَنِيَّة ؟
على أربعة أقوال في كونها مكية أم مدنية:
 (١) فَقَالَ اِبْن عَبَّاس وَقَتَادَة وَأَبُو الْعَالِيَة الرِّيَاحِيّ - وَاسْمه رُفَيْع - وَغَيْرهمْ :       هِيَ مَكِّيَّة .
(٢) وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة وَمُجَاهِد وَعَطَاء بْن يَسَار وَالزُّهْرِيّ وَغَيْرهمْ: هِيَ مَدَنِيَّة .
(٣) وَيُقَال : نَزَلَ نِصْفهَا بِمَكَّة , وَنِصْفهَا بِالْمَدِينَةِ . أي إِنَّهَا مَكِّيَّة مَدَنِيَّة,
(٤) وقيل نُزُولَهَا كَانَ بِمَكَّةَ , نَزَلَ بِهَا جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام , لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " نَزَلَ بِهِ الرُّوح الْأَمِين " [ الشُّعَرَاء : 193 ] وَهَذَا يَقْتَضِي جَمِيعَ الْقُرْآن , فَيَكُون جِبْرِيل عَلَيْهِ السَّلَام نَزَلَ بِتِلَاوَتِهَا بِمَكَّةَ , وَنَزَلَ الْمَلَك بِثَوَابِهَا بِالْمَدِينَةِ  
جمعا بين الأقوال وبين القرآن والسنة نقول أن ابتداء نزولها لاخلاف فيه في مكة ولكن لها نزول آخر في المدينة سواء نزلت نصفين أو مرتين أو نزلت تلاوتها بمكة وثوابها في المدينة.
(قولاً واحدا جبريل الموكل بنزول الوحي أما الإخبار عن أمور أخرى مثل الثواب أو الجزاءفقد يأتي بها ملك غير جبريل)
فَإِنَّ هذا (القول بأن النزول مرتين) جَمْع بَيْنَ:
1.  الْقُرْآن>>>>> قول ( نزل به الروح الأمين)  
2.   وَالسُّنَّة  (ماثبت عن  النبي صلى الله عليه وسلم  والصحابة من أنها نزلت في مكة ونزلت في المدينة).
فللجمع بين القرآن والسنة نقول:
= نزل بها جبريل عليه السلام  مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة
= وقد يكون نزلت نصفين نصفها في مكة ونصفها في المدينة
= وقد يكون نزول تلاوتها في مكة ونزول ثوابها في المدينة-
إذأ
الراجح:جمعًا بين الأقوال وبين القرآن والسنة أن لها نزولان:
 نزول مكي ونزول مدني.
 ولاخلاف بإبتداء نزولها في مكة  سواء كان النزولين هما:
·      نصفها بمكة ونصفها بالمدينة أو
·       نزولها مرتين مرة بمكة ومرة بالمدينة  او
·       نزول تلاوتها بمكة والثواب في المدينة.


·       
مسألة :
مافائدة معرفة السورة هل هي مكية أم مدنية؟
الثمرة من معرفة المكي والمدني:
١\ فهم للقرآن .
٢\لمعرفة الناسخ و المنسوخ وهذا ينفعنا في معرفة الأحكام حيث أن الأحكام قد تتغيرفي حالتين:
·     إذا جاءت آيتين متعارضتين مع عدم امكانية الجمع بينهما فهنا تكون أحد الآيتين ناسخة للآخرى ويثبت حكم الآية الناسخة ويبطل العمل بالآية المنسوخة.
·      أما إذا أمكن الجمع بينهما فيُعمل بالآيتين وتبقى الآية المتأخرة نزولاً للوجوب والآية المتقدمة للإستحباب ولايُقال عنها ناسخ ومنسوخ.

مثال :
تغير عدة المتوفي عنها زوجها عرفناه من معرفة المتقدم من الايات نزولا والمتأخر (الناسخ والمنسوخ)البقرة ٢٣٤
{(والذين يُتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا)البقرة ٢٣٤.}

حكم المعتدة من وفاة زوجٍ في سورة البقرة  هل هوسنة أم أربعة أشهر وعشرة.
·     بعض العلماء قالوا أن عدتها أربعة اشهر وعشرا لأن آية الأربع أشهر وعشرا نزلت بعد آية العام فنسختها .
·     القول التاني :أنه يمكن الجمع بين الآيتين ولاتعارض بينهما لذلك لايُقال بالنسخ عملا بالقاعدة (إعمال الكلام أولى من إهماله) فيكون حكم العِدة أربعة أشهر وعشرة وجوبا وباقي السنة استحبابًا.

·  
ملاحظة:
معرفة مكية السورة من مدنيتها لايهمنا إلا إذا حوت السورة ناسخ ومنسوخ والفاتحة ليس فيها ناسخ ومنسوخ لذلك لاعبرة للخلافِ كثيرًا (قول أ.ميادة)



فضلها وميزاتها:  

أغلب الأحاديث التي ذُكرت اسماء الفاتحة تدل على فضائلها فمن هذه الفضائل:
 سورة الفاتحة أعظم سور القرآن الكريم وقد تقدم حديث أبي سعيد المعلي عندما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "لآعلمنك أعظم سورة في القرآن قبل أن تخرج من المسجد ثم ذكر له أنها الفاتحة.

هذه السورة قال العلماء: إنها تشتمل على مجمل معاني القرآن في التوحيد، والأحكام، والجزاء، وطرق بني آدم (منهج بني آدم (مهتدي "ضال ,مغضوب عليهم)، وغير ذلك؛ ولذلك سمِّيت "أم القرآن"(47)؛ والمرجع للشيء يسمى "أُمّاً"..
وهذه السورة لها مميزات تتميّز بها عن غيرها؛ منها أنها ركن في الصلوات التي هي أفضل أركان الإسلام بعد الشهادتين: فلا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب؛ ومنها أنها رقية: إذا قرئ بها على المريض شُفي بإذن الله؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ( قال للذي قرأ على اللديغ، فبرئ: "وما يدريك أنها رقية"(48) ..
وقد ابتدع بعض الناس اليوم في هذه السورة بدعة، فصاروا يختمون بها الدعاء، ويبتدئون بها الخُطب ويقرؤونها عند بعض المناسبات .، وهذا خطأ تجده مثلاً إذا دعا، ثم دعا قال لمن حوله: "الفاتحة"، يعني اقرؤوا الفاتحة؛ وبعض الناس يبتدئ بها في خطبه، أو في أحواله . وهذا أيضاً خطأ؛ لأن العبادات مبناها على التوقيف، والاتِّباع..

تنبيه:
ذكرنا في حكم تجزئة قراءة الفاتحة أنه يجوز إذا ابتدأنا بها افتتاح الكلام أو الخطب وهنا لاتعارض مع ماذُكر من أنها بدعة لأمرين:
1.أننا لانقرؤها كاملة بل نأخذ منها بعض الآيات كشاهد على ما يناسب مقالُنا .
2.أنها ليست ثابتة ونلتزم بها في كل مرة بل نفعلها في بعض الأحيان حسب الحاجة.والمنع هنا والحكم ببدعتها لمن التزم قراءتها كاملة في خطبه وجميع أحواله.










محاور السورة (أ.ميادة)
احتوت السور ثلاثة محاور:

·     المحور الأول>>>>(عقيدة) وذلك من خلال حمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده بالآيات الثلاث الأولى.
·     المحور الثاني>>>(عبادة) وذلك من خلال بيان أن الله وحده المعبود والمُستعان والإخلاص في ذلك من قوله تعالى(إياك نعبد وإياك نستعين)
·     المحور الثالث>>>>> (منهج الحياة) وذلك من خلال تضرع المؤمنين للمعبود والتجاؤهم وخوفهم من غضب الله ومن الضلال وذلك في قوله تعالى (اهدنا الصراط المستقيم إلى نهاية السورة)

العقيدة:تتضمن حمد الله تعالى والثناء عليه وتمجيده.
العبادة:العبادةلله وحده والإخلاص بها والإستعانه بالله عليها.
منهج المسلم الثبات على الصراط المستقيم دون  أن يحيد عنه أو يضل مع تضرع المؤمنين للمعبود بالدعاء بالهداية والتجاؤهم وخوفهم من غضب الله ومن الضلالة.

مسألة:


هل البسملة آية من الفاتحة؛ أم لا؟
في هذا خلاف بين العلماء؛ فمنهم من يقول: إنها آية من الفاتحة، ويقرأ بها جهراً في الصلاة الجهرية، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة؛ لأنها من الفاتحة؛ ومنهم من يقول: إنها ليست من الفاتحة؛ ولكنها آية مستقلة من كتاب الله؛ وهذا القول هو الحق؛ ودليل هذا: النص، وسياق السورة..

·      أما النص: فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: إذا قال:                                                                                        { الحمد لله رب العالمين }(ملاحظة:لم يبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم) قال الله تعالى: حمدني عبدي؛ وإذا قال: { الرحمن الرحيم } قال الله تعالى: أثنى عليَّ عبدي؛ وإذا قال: { مالك يوم الدين } قال الله تعالى: مجّدني عبدي؛ وإذا قال: { إياك نعبد وإياك نستعين } قال الله تعالى: هذا بيني وبين عبدي نصفين؛ وإذا قال: { اهدنا الصراط المستقيم }... إلخ، قال الله تعالى: هذا لعبدي؛ ولعبدي ما سأل"(51) ؛ وهذا كالنص على أن البسملة ليست من الفاتحة؛ وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "صلَّيت خلف النبي صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر؛ فكانوا لا يذكرون { بسم الله الرحمن الرحيم } في أول قراءة، ولا في آخرها"(52) : والمراد لا يجهرون؛ والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها..{وهنا نصين ,نص من حديث قدسي ونصٌمن صحابي عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكروعمر رضى الله عنهما)
·      أما من جهة السياق :
1.     من حيث المعنى: فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق؛ وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى: { إياك نعبد وإياك نستعين } وهي الآية التي قال الله فيها: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين"؛ لأن { الحمد لله رب العالمين }: واحدة؛ { الرحمن الرحيم }: الثانية؛ { مالك يوم الدين }: الثالثة؛ وكلها حق لله عزّ وجلّ { إياك نعبد وإياك نستعين }: الرابعة . يعني الوسَط؛ وهي قسمان: قسم منها حق لله؛ وقسم حق للعبد؛ { اهدنا الصراط المستقيم } للعبد؛ { صراط الذين أنعمت عليهم } للعبد؛ { غير المغضوب عليهم ولا الضالين } للعبد..
فتكون ثلاث آيات لله عزّ وجل وهي الثلاث الأولى؛ وثلاث آيات للعبد . وهي الثلاث الأخيرة؛ وواحدة بين العبد وربِّه . وهي الرابعة الوسطى..
2.     ثم من جهة السياق من حيث اللفظ، فإذا قلنا: إن البسملة آية من الفاتحة لزم أن تكون الآية السابعة طويلة على قدر آيتين؛ ومن المعلوم أن تقارب الآية في الطول والقصر هو الأصل..(تناسب الفواصل والآيات) أي أن الآيات من حيث الطول والقصر ونهاياتها وإيقاعها وميزانها يكون متقارب.

فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة . كما أن البسملة ليست آية من أول كل سورة  من بقية سور القرآن وهي آية من ضمن آيات سورة النمل.

إذاً حُكم البسملة:
اتفق العلماء قولا واحدا أن البسملة آية من القرآن في سورة النمل وأنها ليست آية من كل سورة عدا الفاتحة حيث اختلفوا فيها هل البسملة آية من الفاتحة أم لا:
القول الأول:
فبعضهم قال انها آية من الفاتحة وجعل الآية الأخيرة من (صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخر السورة) آية واحدة كما في المصحف الذي بين ايدينا (وهذا القول يُردُ عليه بعدم تناسبها من حيث النص ومن حيث السياق كما وضحنا سابقًا).
وعليه ينبغي:
·     وجوب قراءة البسملة مع الفاتحة في كل ركعة من الصلاة فمن لم يقرأ البسملة عند من قال  أنها آيه من الفاتحة  يكون قد انقص اداء ركن في الصلاة وهو قراءة الفاتحة (قراءة الفاتحة قولا واحدا ركن من اركان الصلاة) فإنقاص آيه منها هو انقاص لهذا الركن وعليه يبطل ركن الفاتحة فعليه الاتيان به  (هذا الركن) أو اعادة الركعة (أغلب العلماء ان الذي يبطل هو الركن وليس الصلاة وعليه ان يعيد الركن  إن لم يفت موضعه أو يعيد  الركعة التي أنقَصَ  فيها  الركن بعد فوات موضعه ) {لو تذكر وهو قام  قبل الركوع فيعيد قراءاة الفاتحة مع البسملة اما لو ركع وسجد فيعيد الركعة كاملة مع الإتيان بالبسملة والفاتحة }.
·     الجهر بها في الصلاة الجهرية إن كان إمامًا.
هذا مايترتب على أحكام   للبسلمة عند من عدها آية من الفاتحة .
القول الثاني:
 (أن البسملة ليست بآية من الفاتحة على الصحيح والراحج).
وقد رجح ابن العثمين رحمه الله هذا القول وعلل ذلك (تم تفصيل قول ابن العثيمين فيما ذكرناه سابقًا  في بداية المسألة) وسنوضح كلامه فيما يلي:

١\ بعدم مناسبة البسملة لمضمون وفواصل أيات سورة  الفاتحة .
ملاحظة: (استطراد للفائدة):
المقصود برأس الاية خاتمتها والمقصود بالفاصلة الوقف على معني, لذلك  قد يكون الوقف بوسط الآيه او نهايتها فمن هنا نشأ الخلاف هل هو وقف لفاصلة أم أنه وقف لآيه .
ماسبب الخلاف في فواصل الايات :
وذلك بسبب وقفات النبي  صلى الله عليه وسلم على بعض الآيات في منتصفها على معنىً معين فهذا جعل الصحابة لايعلمون هل هي رأس آية ام وقفة من الوقفات التي وقف عليها جبريل عليه السلام وقرأها النبي صلى الله عليه وسلم  مثله فلذلك اختلف العد في الايات فبعضهم عدها ايه وبعضهم عدها ايتين .
هناك حديث للنبي فيما معناه انه قال (كان جبريل يأتني بالوحي فيقول يامحمد ضع هذه الاية على رأس الأية كذا) فهذا يدل على ان ترتيب الآيات توقيفي من الله لااجتهاد فيه بلاخلاف بين العلماء
 واما ترتيب السور فأكثر العلماء على ان جُل القرآن ترتيب سوره توقيفي والبعض فقط توفيقي باجتهاد من الصحابة  لكن بعد زمن الصحابة لم يعد هناك إجتهاد توفيقي بل صارت كل سور القرآن مرتبة ترتيبا توقيفيا جُله من الله وبعضه موقوفا على الصحابة.
مثال ذلك : ترتيب سورة براءة بعد الأنفال فهذه كانت باجتهاد الصحابة حيث توفي النبي صلى الله عليه وسلم  ولم يبين لهم موضعها ولكن اجتهاد الصحابة بأن سورة التوبة مكملة للمعني في سورة الأانفال ولابسملة فيها فعدوها كالسورة الواحدة وجعلوها بين السور الطوال بإعتبار مجموع عدد آيات السورتين .
ملاحظة:
هذا استطراد(أي خارج الموضوع)  للفائدة ولتوضيح معنى المضمون والفاصلة والرأس في كلام ابن العثمين رحمه الله :(كلامنا نحن  للتوضيح فلا نتألى على ابن العثمين رحمه الله وهذا نبهنا عليه ابتداءً  للأمانة والدقة العلمية وهذ خلق طالب العلم الصادق المخلص  ( نتألى أي ندعي ونتقول عليه مالم يقله وننسبه له مثل حديث من ذا الذي يتألى على الله)
تنبيه يتعلق بالايات:هاااام
تحتوى معاني وحروف فالمعاني هي مضمون الآية
والحروف هي الفاظها المقرؤة
 وآخر حرف من الآية هو رأسها
وآخر حرف من المعنى هو فاصلتها .
وفوصل الآيات ورؤسها متناسبة مع بعضها في الإيقاع  والوزن في السورة الواحدة .

ملاحظة:
كلمة إيقاع ووزن  لانستخدمها مع كلام الله تأدباً وإنما فقط للإيضاح والبيان حيث أنها تقال للشعر والنثر وكلام الله ليس بشعر ولا نثر.
فبعض السور تنتهي رؤسها بحرف الراء كسورة المدثر وبعضها بالميم كسورة البقرة وبعضها بالدال كسورة الاخلاص وبعضها بالسين كسورة الناس وهكذا في جميع سور القرآن

هنا أصلنا الفاصلة والرأس وبناء على ذلك نشأ الخلاف في الفواصل وعدد الآيات كما حصل في عدد آيات الفاتحة:
فمن قال بأن البسملة آية عد آية اهدنا الصراط المستقيم الى نهاية السورة آية واحدة واعتبر الوقف على كلمة المستقيم هو فاصلة وليس برأس آية ومن اعتبر البسملة ليست بآية عد الوقف على المستقيم  رأس آية وصراط الذين آية أخرى فأصبح عنده عدد آيات سورة الفاتحة سبع آيات بدون البسملة فأجمع العلماء على أن عدد آيات سورة الفاتحة سبع ولكن عدُها مع البسملة او بدونها هوالمختلف عليه (هذا الكلام عام في كل القرآن)

 وأما عدم مناسبة البسملة للفااتحة في المضمون والفاصلة لأن البسملة هي دعاء بالبركة باسم الله لأي فعل أود أن أقوم به لذلك حُذف الفعل وبقي مُقدرا ليناسب الحال فيكون تقديره على حسب الفعل الذي اقوم به مثل بسم الله أّّكل (تنطق أكُلْ) وبسم الله أشرب وبسم الله أنام .....أما الفاتحة فمضمونها دعاءٌ وعبادةٌ ومنهج.===== هذا من حيث المضمون(مضمون البسملة مع الفاتحة) .
ومن حيث الفواصل والرؤس فالبسملة تنتهي بحرف الميم (الرحيم) وأغلب رؤوس  آيات  الفاتحة   تنهي بحرف النون (العالمين,الدين,نستعين ,الضالين).
٢\عدم عد البسملة مع الفاتحة لتناسب حديث النبي صلى الله عليه وسلم القدسي قَسَمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين
ملاحظة:
جاء الحديث بروايتين :
·     رواية بالفعل المبني للمعلوم (قَسَمْتُ الصلاة ) فيكون (الفاعل هو الله) وهذا يُعطي الحديث قوة
·     ويوجد رواية أخرى بقُسِمَت (فعل مبني للمجهول ولكننا في كتاب الله لانقول تأدبًا مع الله فعل  مبني للمجهول  بل نقول فعل لِما لم يُسمَ فاعله)
 للتوضيح:
الحمد لله رب العالمين (آية)
الرحمن الرحيم
مالك يوم الدين
فهذه ثلاث آيات مضمونها تناءٌ وحمدٌ وتمجيدٌ لله عزوجل ثم  تأتي آية إياك نعبد واياك نستعين  بعدها لتنصف السورة نصفين وهي ماقال عنها الله عزوجل (هذه بيني وبين عبدي ولعبدي ماسأل) ليأتي بعدها ثلاث آيات مضمونها الدعاء وبذلك يصدق الحديث القدسي.
أما لواعتبرنا البسملة آية فستكون آية (إياك نعبد وآياك نستعين)يسبقها اربع ايات (مع البسملة)  ويليها آياتين  فقط , فلا يستقيم بذلك  المعنى العددي للحديث.
وهذا اجتهاد عقلي مبني على نص صحيح وهو الحديث القدسي فيعتبر بذلك دليل قوي وحجة يُرد به على من قال بأن البسملة  آية من الفاتحة.
وهنا يجدر علينا أن ننبه بأن اختلاف العلماء اختلاف تنوع لاتضاد , وإن أمكننا الجمعُ بين أقوالهم فهو الأصح والأولى حتى لانبطلَ قول أحدهم وقد يكون صوابًا لذلك نقول خروجًا من الخلاف نقرأ البسملة مع الفاتحة في الصلاة .(حصريًا في الصلاة لأنه ينبني عليها صحة الركن وفساده وبالتالي صحة الصلاة وفسادها) أما خارج الصلاة فلا يضر الخلاف في قراءة  البسملة مع السورة لأنه لاتنبني عليه أحكام ونحن بالخيار في اعتماد أحد القولين .
فخروجا من الخلاف أقرأُها في الصلاة  وإن كان الراجح أنها ليست بآية .

تنبيه:
 إذا ثبت أن الْبَسْمَلَةَ لَيْسَتْ بِآيَةٍ مِنْ الفاتحة َ(وهو عَلَى
الْقَوْل الصَّحِيح )  إِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَحُكْم الْمُصَلِّي إِذَا كَبَّرَ أَنْ يَصِلهُ بِالْفَاتِحَةِ وَلَا يَسْكُت (سكته لطيفة) , وَلَا يَذْكُر تَوْجِيهًا ( أي قول دعاء الاستفتاح وجهت وجهي ) وَلَا تَسْبِيحًا (دعاء سبحانك اللهم وبحمدك تبارك اسمك وتعالى جدك تبارك اسمك وتعالى جدك)  لِحَدِيثِ عَائِشَة وَأَنَس الْمُتَقَدِّمَيْنِ وَغَيْرهمَا .
 وَقَدْ جَاءَتْ أَحَادِيث بِالتَّوْجِيهِ وَالتَّسْبِيح وَالسُّكُوت
قَالَ بِهَا جَمَاعَة مِنْ الْعُلَمَاء ; فَرُوِيَ عَنْ عُمَر بْن الْخَطَّاب وَعَبْد اللَّه بْن مَسْعُود رَضِيَ اللَّه عَنْهُمَا أَنَّهُمَا كَانَا يَقُولَانِ إِذَا اِفْتَتَحَا الصَّلَاة : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك , تَبَارَكَ اِسْمك , وَتَعَالَى جَدّك , وَلَا إِلَهَ غَيْرك .
فنقول التكبير ثم دعاء الاستفتاح  ثم الفاتحة (الحمد لله) بدون بسملة >>> على هذا القول أو يكبر ويبدأ بالفاتحة مباشرة على من قال ليس هناك سكت ولادعاء .{هذا حكم المصلي عند من قال أن البسملة ليست بآية من الفاتحة ) وينبني على هذا القول أيضاً ألا يجهر بها في صلاته الجهرية إلا إن قالها خروجًا من الخلاف.

  


تفسير البسملة لفضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله تعالى :
                                    قوله تعالى: بسم الله الرحمن الرحيم
{
بسم }: الجار والمجرور(الباء وكلمة اسم) متعلق بمحذوف؛ وهذا المحذوف يقَدَّر فعلاً متأخراً مناسباً؛ فإذا قلت: "باسم الله" وأنت تريد أن تأكل؛ تقدر الفعل: "باسم الله آكل"..
وقدرناه متأخراً
لفائدتين:
1.                الفائدة الأولى: التبرك بتقديم اسم الله عزّ وجل.
2.                والفائدة الثانية: الحصر؛ لأن تأخير العامل يفيد الحصر، كأنك تقول: لا آكل باسم أحد متبركاً به، ومستعيناً به، إلا باسم الله عزّ وجلّ.
وقدرناه فعلاً لأن الأصل في العمل الأفعال ؛ وقدرناه مناسباً لأنه أدلّ على المقصود (الفعل الذي قصدته)؛ ولهذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم : "من لم يذبح فليذبح (الفعل المناسب وذكره النبي صلى الله عليه وسلم ليدل على أنه هو الغعل المقصود)) باسم الله"(49) . أو قال صلى الله عليه وسلم "على اسم الله"(50) : فخص الفعل(فليذبح).. 
{ الله }:اسم الله رب العالمين لا يسمى به غيره ؛ وهو أصل الأسماء ؛ ولهذا تأتي الأسماء تابعة له( ولهذا قيل أنه اسم الله  الأعظم لأنه أصل الأسماء والأسماء تابعة له )

{
الرحمن } أي ذو الرحمة الواسعة؛ ولهذا جاء على وزن "فَعْلان" الذي يدل على السعة..
{
الرحيم } أي الموصل للرحمة من يشاء من عباده؛ ولهذا جاءت على وزن "فعيل" الدال على وقوع الفعل
فهنا رحمة هي صفته . هذه دل عليها { الرحمن }؛ ورحمة هي فعله
. أي إيصال الرحمة إلى المرحوم . دلّ عليها { الرحيم }
و{ الرحمن الرحيم }
:اسمان من أسماء الله يدلان:
1.  على الذات،(ذات الله عز وجل)
2.   وعلى صفة الرحمة،
3.   وعلى الأثر: أي الحكم الذي تقتضيه هذه الصفة (التعامل بالرحمة أي فعل الرحمة )

والرحمة التي أثبتها الله لنفسه رحمة حقيقية(وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة )
دليل ثبوتها: من إثبات الرحمة لله .
 دلّ عليها السمع، والعقل؛
أما السمع فهو ما جاء في الكتاب وهو كثير (كقوله تعالى "يرحم من يشاء ويعذب من يشاء& وقوله تعالى "رحمتي وسعت كل شيء)،
والسنّة(كقول النبي صلى الله عليه وسلم "إن لله مئة رحمة احتفظ بتسع وتسعين عنده وأنزل واحدة إلى الأرض وهي التي يتراحم الناس بها فيما بينهم)&(الراحمون يرحمهم الله) وهو كثير جداً؛
 وأما العقل: فكل ما حصل من نعمة، أو اندفع من نقمة فهو من آثار رحمة الله..
هذا وقد أنكر قوم وصف الله تعالى بالرحمة الحقيقية، وحرّفوها إلى الإنعام، أو إرادة الإنعام، زعماً منهم أن العقل يحيل وصف الله بذلك؛ قالوا: "لأن الرحمة انعطاف، ولين، وخضوع، ورقة؛ وهذا لا يليق بالله عزّ وجلّ"؛
والرد عليهم من وجهين:

1.  الوجه الأول: منع أن يكون في الرحمة خضوع، وانكسار، ورقة؛ لأننا نجد من الملوك الأقوياء رحمة دون أن يكون منهم خضوع، ورقة، وانكسار..
الوجه الثاني: أنه لو كان هذا من لوازم الرحمة، ومقتضياتها فإنما هي رحمة المخلوق؛ أما رحمة الخالق سبحانه وتعالى فهي تليق بعظمته، وجلاله، وسلطانه؛ ولا تقتضي نقصاً بوجه من الوجوه..
ثم نقول: إن العقل يدل على ثبوت الرحمة الحقيقية لله عزّ وجلّ، فإن ما نشاهده في المخلوقات من الرحمة بَيْنها يدل على رحمة الله عزّ وجلّ؛ ولأن الرحمة كمال؛ والله أحق بالكمال؛ ثم إن ما نشاهده من الرحمة التي يختص الله بها . كإنزال المطر، وإزالة الجدب، وما أشبه ذلك . يدل على رحمة الله..
والعجب أن منكري وصف الله بالرحمة الحقيقية بحجة أن العقل لا يدل عليها، أو أنه يحيلها، قد أثبتوا لله إرادة حقيقية بحجة عقلية أخفى من الحجة العقلية على رحمة الله، حيث قالوا: إن تخصيص بعض المخلوقات بما تتميز به يدل عقلاً على الإرادة؛ ولا شك أن هذا صحيح؛ ولكنه بالنسبة لدلالة آثار الرحمة عليها أخفى بكثير؛ لأنه لا يتفطن له إلا أهل النباهة؛ وأما آثار الرحمة فيعرفه حتى العوام، فإنك لو سألت عامياً صباح ليلة المطر: "بِمَ مطرنا؟"، لقال: "بفضل الله، ورحمته"..








تفسير سورة الفاتحة
)الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)
التفسير:.
قوله تعالى: { الحمد لله رب العالمين }: { الحمد } وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛ الكمال الذاتي، والوصفي، والفعلي؛ فهو كامل في ذاته، وصفاته، وأفعاله؛ ولا بد من قيد وهو "المحبة، والتعظيم" ؛ قال أهل العلم:
 "لأن مجرد وصفه بالكمال بدون محبة، ولا تعظيم لا يسمى حمداً؛ وإنما يسمى مدحاً"؛
ولهذا يقع الحمد من إنسان لا يحب الممدوح؛ لكنه يريد أن ينال منه شيئاً؛ فتجد بعض الشعراء يقف أمام الأمراء، ثم يأتي لهم بأوصاف عظيمة لا محبة فيهم؛ ولكن محبة في المال الذي يعطونه، أو خوفاً منهم؛
ولكن حمدنا لربنا عزّ وجلّ حمدَ محبةٍ، وتعظيمٍ؛ فلذلك صار لا بد من القيد في الحمد أنه وصف المحمود بالكمال مع المحبة، والتعظيم؛

 و "أل" في { الحمد } للاستغراق  : أي استغراق جميع المحامد..

مدلولات أل للتعريف :
ال للتعريف تأتي إما للاستغراق واما للعهد

١\ ال للعهد ..... وهي ثلاثة انواع في لسان العرب ذهني وذكري وحضوري  :

·      - العهد الذهني هو المعهود الذهني اي المعهود المتوجه ذهننا اليه حال سماعنا الاسم المعرف  بهذه اللام....... أمثاله:
*     "خلق الانسان من صلصال كالفخار) يتجه الذهن في قول الانسان الى آدم عليه السلام ومثال آخر:
*      (وهذا  النبي والذين آمنوا والله ولي المؤمنين ) يتجه الذهن في قوله (النبي) الى محمد صلى الله عليه وسلم .
·      العهد الذكري: وهو المعهود ذكره سابقا>>>>> كقوله تعالى:             (الله نور السموات والارض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح ,المصباح في زجاجة ,الزجاجة كأنها كوكب دري). المصباح  هو نفسه المصباح الذي ذُكر في الاية  وسبقه أيضا  قوله تعالى (في زجاجة ,الزجاجة )....                                                        إذا الذكري هو تعريف كلمة >>> ب(ال)العهدية   وتكون الكلمة قد سبق ذكرها في الاية.
·       المعهود الحضوري: وهو ان تخاطب شيء حاضر. مثال: قوله تعالى( اليوم أكملت لكم دينكم ) اليوم هو يوم عرفة قولا واحدا وهو معهود بذهننا لأن النبي صلى الله عليه وسلم نزلت عليه هذه الاية يوم عرفة في حجة الوداع فخاطب بها قومه وهو حاضرون  لذلك تنصرف ال للتعرف في كلمة اليوم الى العهد الذهني (لانه معروف في الذهن انه عرفة)والعهد الحضوري (لانهم كانوا حاضرين) . وأيضا (وإذ قال ربك للملائكة) فالملائكة حاضرة عند الله عز وجل اثناء الخطاب .

٢\ ال الاستغراق : وهي التي تدل على شمول  جميع أفرادها .
·      ملاحظة: ال إذا اقترنت بأسماء الله وصفاته جل وعلا فهي دائما للاستغراق قولا واحدًا .
ال للاستغراق لها انواع:
@ إما ان تكون لإستغراق الجنس  وتسمى ال للجنس:
-       مثل قوله تعالى(وخلق الانسان ضعيفا ) أي وخلق كل إنسان ضعيف . فهذه تدل على حقيقة تستغرق جميع الجنس.
-       مثال آخر (إن الانسان لفي خسر) تشمل كل إنسان الا ..... الا هذه استثني من الخسران من ذكرت صفاتهم بعد كلمة الا.
@ وقد تأتي ال الاستغراقية لبيان خصائص الجنس لا شموليته كقوله تعالى (والله يعلم المفسد من المصلح) اي من توفر فيه  خصائص الفساد ومن توفرت فيه خصائص الاصلاح
@ واحيانا تأتي ال للاستغراق  لبيان ماهية الجنس كقوله تعالى ( وجعلنا من الماء كل شيء حي ) فالماء هنا مقصود به جنس الماء.

ملاحظة في ال للاستغراق:
لو ابدلنا ال بكلمة كل ...وصلُح المعنى فتكون لاستغراق وشمول جميع الافراد أما إذا لم يستقم المعنى فتكون (ال) لاستغراق خصائص الجنس  او لبيان حقيقة الجنس.

اذا في قول ابن العتمين
و "أل" في { الحمد } للاستغراق  : أي استغراق جميع المحامد.. لأنها في ذات الله عزوجل.


وقوله تعالى: { لله }: اللام للاختصاص، والاستحقاق؛ و "الله" اسم ربنا عزّ وجلّ؛ لا يسمى به غيره؛ ومعناه: المألوه . أي المعبود حباً، وتعظيماً.. هذا قيد لله فقط فيخرج منه كل معبود غير الله


وقوله تعالى: { رب العالمين }؛ "الرب" : هو من اجتمع فيه ثلاثة أوصاف: الخلق، والملك، والتدبير؛ فهو الخالق المالك لكل شيء المدبر لجميع الأمور؛      و{ العالمين }: قال العلماء: كل ما سوى الله فهو من العالَم؛ وُصفوا بذلك؛ لأنهم عَلَم على خالقهم سبحانه وتعالى  (علم من العلامة أي علامة تدل على خالقهم سبحانه وتعالى)؛ ففي كل شيء من المخلوقات آية تدل على الخالق: على قدرته، وحكمته، ورحمته، وعزته، وغير ذلك من معاني ربوبيته..
قال الشاعر :
ألا له في كل شيءٍ آية   تدل على أن الإله واحد
الفوائد:
.1 من فوائد الآية (الحمد لله رب العالمين) : إثبات الحمد الكامل لله عزّ وجلّ، وذلك من "أل" في قوله تعالى:
{ الحمد }؛ لأنها دالة على الاستغراق..
.2 ومنها: أن الله تعالى مستحق مختص بالحمد الكامل من جميع الوجوه؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أصابه ما يسره قال: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات" ؛ وإذا أصابه خلاف ذلك قال: "الحمد لله على كل حال"[53] ..تنيه::
قول الحمد لله الذي لايحمد على مكروه سواه هذا لاينبغي ولايجوز لأن فيه سوء ادب مع الله عزوجل
.3 ومنها: تقديم وصف الله بالألوهية على وصفه بالربوبية؛ وهذا:
·      إما لأن "الله" هو الاسم العَلَم الخاص به، والذي تتبعه جميع الأسماء؛
·       وإما لأن الذين جاءتهم الرسل ينكرون الألوهية فقط..


.4 ومنها: عموم ربوبية الله تعالى لجميع العالم؛ لقوله تعالى: (العالمين.. )



ومن مذكرة (سبيلنا إلى الإتباع) لمعلمتي رحمة الله عليها في تفسير الحمد في خطبة الحاجة:



هذة خطبة الحاجة كان رسول الله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفتتح بها كل مجالسه وخطبه ولايُغَيِّرها
1- الحمد :-                                                                                                                    *من  ( "بدائع التفسير" /1/ ص:112  ):

....فعند قوله:    {الحمد لله رب العالمين } نجد تحت هذه الكلمة :

· إثبات كل كمال للرب تعالى ؛ فعلا ووصفا واسما ,
· وتنزيه عن كل سوء وعيب ؛ فعلا ووصفا واسما ..
فهو :
·      محمود فى أفعاله وأوصافه وأسمائه ,
·       منزه عن العيوب والنقائص فى أفعاله وأوصافه وأسمائه  ..
·      .فأفعاله كلها حكمة ورحمة ومصلحة وعدل لاتخرج عن ذلك
·       وأوصافه كلها أوصاف كمال ونعوت جلال ,
·      وأسماؤه كلها حُسنى ..
·      وحمده قد ملأ الدنيا والآخرة والسموات والأرض وما بينهما وما فيهما
·      فالكون كله ناطق بحمده ,
·      والخلق والأمر صادر عن حمده وقائم بحمده وَوُجِد بحمده
·      فحمده هو سبب وجود كل موجود ....وهو غاية كل موجود ...وكل موجود شاهد بحمده ,
·      وإرساله رسوله بحمده ......وإنزاله كتبه بحمده
·       والجنة عَمُرت بأهلها بحمده .......والنارعَمُرت بأهلها بحمده,
·      وما أُطيع إلا بحمده وما عُصِىَ إلا بحمده ..
·      ولا تسقط ورقة إلا بحمده..... ولا يتحرك فى الكون ذرة إلا بحمده ,
·      وهو المحمود لذاته وإن لم يحمده العباد ,
·      كما أنه هو الواحد الأحد ولو لم يوحده العباد.... والإله الحق وإن لم يُؤلِّهوه ..
·      وهو سبحانه الذى حمد نفسه على لسان القائل:                                         { الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (1) } "لفاتحة:" 
·        كما قال النبى – صلى الله عليه وعلى آله وسلم - :                                        
 {إن الله تعالى قال على لسان نبيه:
       "سمع الله لمن حمده"}(رواه مسلم ) .       
·   فهو الحامد لنفسه فى الحقيقة على لسان عبده فإنه هو الذى أجرى الحمد على لسانه وقلبه , وإجراؤه بحمده,
·  فله الحمد كله ,وله الملك كله ,وبيده الخير كله ,وإليه يُرجع الأمر كله ..فهذه المعرفة من عبودية الحمد . 







(الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ)

القاعدية اللغوية أن (ال)اذا اقترنت بأسماء الله تعالى وصفاته فإنها تفيد الاستغراق مطلقًا وعليه فإن (ال) في الرحمن والرحيم للاستغراق والاختصاص...مثل (ال) في الحمد.
التفسير:.
قوله تعالى: { الرحمن الرحيم }: { الرحمن } صفة للفظ الجلالة؛ و{ الرحيم } صفة أخرى؛ و{ الرحمن } هو ذو الرحمة الواسعة؛ و{ الرحيم } هو ذو الرحمة الواصلة؛ فـ{ الرحمن } وصفه؛ و{ الرحيم } فعله؛ ولو أنه جيء بـ "الرحمن" وحده، أو بـ "الرحيم" وحده لشمل الوصف، والفعل؛ لكن إذا اقترنا فُسِّر { الرحمن } بالوصف؛ و{ الرحيم } بالفعل..
للقاعدة أن الاسمان إذا اقترنا بالذكر افترقا بالمعان ,وإذا افردا بالذكر اقترنا بالمعنى (مثل الايمان والاسلام)
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: إثبات هذين الاسمين الكريمين . { الرحمن الرحيم } لله عزّ وجلّ؛ وإثبات ما تضمناه من الرحمة التي هي الوصف، ومن الرحمة التي هي الفعل..
.2 ومنها: أن ربوبية الله عزّ وجلّ مبنية على الرحمة الواسعة للخلق الواصلة؛ لأنه تعالى لما قال: { رب العالمين } كأن سائلاً يسأل: "ما نوع هذه الربوبية؟ هل هي ربوبية أخذ، وانتقام؛ أو ربوبية رحمة، وإنعام؟" قال تعالى: { الرحمن الرحيم }..

فائدة على الثلاث آيات الأولى:
(الحمدلله رب العالمين  \الرحمن الرحيم \مالك يوم الدين)
الاية الاولي (الحمد لله رب العالمين)......اشتملت على ترهيب وترغيب فالترهيب في لفظ الالوهية والترغيب في لفظ الربوبية ثم جاء بعدها تعقيب بآيتين الأولي تدل على الترغيب وهي (الرحمن الرحيم) وتتضمن أن ربوبية الله للعالمين ربوبية رحمة وانعام لابوبية أخذ وانتقام ثم جاء بعدها آية (مالك يوم الدين لتتضمن معنى الترهيب الذي يعود على لفظ الالوهية في الآية الأولى لكن الله ابتدأ سورة الفاتحة باسم جلال (الله)ثم اسم جمال (رب العالمين) بالإجمال ثم لما أصلها بدأ بالترغيب قبل الترهيب ليدل على أن الله رحمته سبقت غضبه .

 (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)
التفسير:
قوله تعالى: { مالك يوم الدين } صفة لـ{ الله }؛ و{ يوم الدين } هو يوم القيامة؛ و{ الدين } هنا بمعنى الجزاء؛ يعني أنه سبحانه وتعالى مالك لذلك اليوم الذي يجازى فيه الخلائق؛ فلا مالك غيره في ذلك اليوم؛ و "الدين" تارة يراد به الجزاء، كما في هذه الآية؛ وتارة يراد به العمل، كما في قوله تعالى: {لكم دينكم ولي دين} [الكافرون: 6] ، ويقال: "كما تدين تدان"، أي كما تعمل تُجازى.. (مثال من لغة العرب ومثال من القرآن) وتارة يقصد بها الشريعة كما في قوله تعالى (شرع لكم من الدين ماوصى به نوحا والذي أوحينا اليك...)
وعلى هذا فتأتي كلمة الدين في القرآن مطلقة ويراد بها عدة معاني يحددها السياق.


وفي قوله تعالى: { مالك } قراءة سبعية (من السبع المتواترة أي قراءة صحيحة يؤخذ بها ويقرأ بها):
 { مَلِك}، و "الملك" أخص من "المالك".. (وأعم وأشمل لأن كل ملك هو في حقيقته مالك وليس كل مالك بالضرورة أن يكون ملكا )

وفي الجمع بين القراءتين فائدة عظيمة؛ وهي أن ملكه جلّ وعلا ملك حقيقي؛ لأن مِن الخلق مَن يكون ملكاً، ولكن ليس بمالك: يسمى ملكاً اسماً وليس له من التدبير شيء؛ ومِن الناس مَن يكون مالكاً، ولا يكون ملكاً: كعامة الناس؛ ولكن الرب عزّ وجلّ مالكٌ ملِك..

الفوائد:
.1 من فوائد الآية (ملك يوم الدين): إثبات ملك الله عزّ وجلّ، وملكوته يوم الدين؛ لأن في ذلك اليوم تتلاشى جميع الملكيات، والملوك.......... وهذا معناه أن مالك يوم الدين هو اسم جلال (للظلمين) وجمال (للمظلمومين) لستشعراهم أنه هناك يوم سيأتي يأخذون فيه حقوقهم.
فإن قال قائل: أليس مالك يوم الدين، والدنيا؟
فالجواب: بلى؛
فائدة لغوية:
اذا جاء الاستفهام منفي كقول (أليس  الله بأحكم الحاكمين) وقول (ألم تر فعل الله بأصحاب الفيل و ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) >>>>فيكون الجواب  (بلى) للإثبات و (لا أو  كلا (في حالة الزجر والردع)) للنفي مثل :
قولنا أليست الدنيا دار قرار  فيجاب ب (لا) والأفضل أن يجاب ب (كلا) لبيان قباحة السؤال. ويجاب ب (لا) للسؤال العادي .
أما إذا كان السؤال مثبت كقول  الله (ء الله أذن لكم)  أو قولنا   (هل درسنا ) أي بمعنى أن الاستفهام بالهمزة و(هل) لم يقترن بنفي فيكون الجواب عليه (نعم للاثبات) و(لا)للنفي . فيكون الاختلاف في الجواب المثبت ب (نعم) للسؤال المثبت وب (بلى) للسؤال المنفي.
 أما الجواب المنفي فكلا النوعين  يُجاب عليه ب (لآ)

ملاحظة:
الهمزة تأتي للسؤال المثبت والسؤال المنفي أما (هل) فلاتأتي الا مع السءال المثبت ولا تأتي منفيا أبدأ.

 لكن ظهور ملكوته، وملكه، وسلطانه، إنما يكون في ذلك اليوم؛ لأن الله تعالى ينادي: {لمن الملك اليوم} [غافر: 16] فلا يجيب أحد؛ فيقول تعالى: {لله الواحد القهار} [غافر: 16] ؛ في الدنيا يظهر ملوك؛ بل يظهر ملوك يعتقد شعوبهم أنه لا مالك إلا هم؛ فالشيوعيون مثلاً لا يرون أن هناك رباً للسموات، والأرض؛ يرون أن الحياة: أرحام تدفع، وأرض تبلع؛ وأن ربهم هو رئيسهم..
ملاحظة:
الاشتراك في كلمة الملك والمالك بين الخلق والخالق في الدنيا اشتراك لفظي لاحقيقي وجزئي لا كلي أما في الاخرة فلايشارك الله بها أحد لأنه هو المالك والملك على الحقيقة والإطلاق.
.2 ومن فوائد الآية: إثبات البعث، والجزاء؛ لقوله تعالى:                      
 ( مالك يوم الدين )
.3 ومنها: حث الإنسان على أن يعمل لذلك اليوم الذي يُدان فيه العاملون..
1.  هذا بالاضافة إلى أن هذا الاسم فيه  جمال (للمظلمومين والعاملين) وإجلال (للظالمين "تشمل الظلم الأكبر(الشرك) والأصغر (المعاصي)والمقصرين "بالطاعات والقربات")
  


(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
التفسير:
قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ { إياك }: مفعول به مقدم؛ وعامله: { نعبد }؛ وقُدِّم على عامله لإفادة الحصر؛
قاعدة لغوية:
إذاقدم المعمول على العامل فيفيد الحصر والقصر والتخصيص.

 فمعناه: لا نعبد إلا إياك؛ وكان منفصلاً  ٠ب (إلا)لتعذر الوصل حينئذ (وهي منفيًا )؛
قاعدة:

الاستثناء بعد النفي إثبات
 فقولنا لانعبد إلا إياك  معناها كقولنا نعبدُ إياك
إلا أن القول الثاني (نعبد إياك ) أفاد الاختصار في الكلام مع عدم الفصل بين الكلمات .
وعندما قدم الله كلمة إياك على نعبد أعطت معنا  أقوى وأوكد وأضافت معاني كثيرة كالحصر والقصر والاختصاص والتأكيد وهذا يتبع القاعادة اللغوية: (إذا قُدم المعمول على عامله أفاد الحصر والقصر والاختصاص والتأكيد)
وهذه من بلاغة  القرآن .

و{ نعبد } أي نتذلل لك أكمل ذلّ؛ ولهذا تجد المؤمنين يضعون أشرف ما في أجسامهم في موطئ الأقدام ذلاً لله عزّ وجلّ: يسجد على التراب؛ تمتلئ جبهته من التراب . كل هذا ذلاً لله؛ ولو أن إنساناً قال: "أنا أعطيك الدنيا كلها واسجد لي" ما وافق المؤمن أبداً؛ لأن هذا الذل لله عزّ وجلّ وحده..
و "العبادة" تتضمن فعل كل ما أمر الله به، وترك كل ما نهى الله عنه؛ لأن من لم يكن كذلك فليس بعابد: لو لم يفعل المأمور به لم يكن عابداً حقاً؛ ولو لم يترك المنهي عنه لم يكن عابداً حقاً؛ العبد: هو الذي يوافق المعبود في مراده الشرعي؛ فـ "العبادة" تستلزم أن يقوم الإنسان بكل ما أُمر به، وأن يترك كل ما نُهي عنه؛ ولا يمكن أن يكون قيامه هذا بغير معونة الله؛ ولهذا قال تعالى: { وإياك نستعين } أي لا نستعين إلا إياك على العبادة، وغيرها؛ و "الاستعانة" طلب العون؛ والله سبحانه وتعالى يجمع بين العبادة، والاستعانة، أو التوكل في مواطن عدة في القرآن الكريم؛ لأنه لا قيام بالعبادة على الوجه الأكمل إلا بمعونة الله، والتفويض إليه، والتوكل عليه..


الفوائد:
1.فائدة اقتران  العبادة مع الاستعانة في الآية أنه يدل على أن الإنسان عاجز أن يتعبد الله دون معونة الله له في ذلك.
2. من فوائد الآية: إخلاص العبادة لله؛ لقوله تعالى: { إياك نعبد }؛ وجه الإخلاص: تقديم المعمول(إياك) على عامله (نعبد) وهذا أفاد حصر العبادة وقصرها واختصاصها لله وحده وهذا هو معنى الاخلاص .
.3 ومنها: إخلاص الاستعانة بالله عزّ وجلّ؛ لقوله تعالى: { وإياك نستعين }، حيث قدم المفعول..(نفس الكلام السابق لإياك نعبد)
فإن قال قائل: كيف يقال: إخلاص الاستعانة لله وقد جاء في قوله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2] إثبات المعونة من غير الله عزّ وجلّ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "تعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه صدقة"؟(54) ..
فالجواب(معلومة عقدية) أن الاستعانة نوعان:
١- استعانة تفويض؛ بمعنى أنك تعتمد على الله عزّ وجلّ، وتتبرأ من حولك، وقوتك؛ وهذا خاص بالله عزّ وجلّ؛

٢--واستعانة بمعنى المشاركة فيما تريد أن تقوم به: فهذه جائزةبشرطين :
-أ\ إذا كان المستعان به حياً
ب\ قادراً على الإعانة؛

 لأنه (الاستعانة بمعنى المشاركة) ليس عبادة؛ ولهذا قال الله تعالى: {وتعاونوا على البر والتقوى} [المائدة: 2 ].
فإن قال قائل: وهل الاستعانة بالمخلوق جائزة في جميع الأحوال؟
فالجواب: لا؛ الاستعانة بالمخلوق إنما تجوز حيث كان المستعان به قادراً عليها؛ وأما إذا لم يكن قادراً فإنه لا يجوز أن تستعين به: كما لو استعان بصاحب قبر فهذا حرام؛ بل شرك أكبر؛ لأن صاحب القبر لا يغني عن نفسه شيئاً؛ فكيف يعينه!!! وكما لو استعان بغائب في أمر لا يقدر عليه، مثل أن يعتقد أن الوليّ الذي في شرق الدنيا يعينه على مهمته في بلده: فهذا أيضاً شرك أكبر؛ لأنه لا يقدر أن يعينه وهو هناك..

فإن قال قائل: هل يجوز أن يستعين المخلوقَ فيما تجوز استعانته به؟
فالجواب: الأولى أن لا يستعين بأحد إلا عند الحاجة، أو إذا علم أن صاحبه يُسَر بذلك، فيستعين به من أجل إدخال السرور عليه؛ وينبغي لمن طلبت منه الإعانة على غير الإثم والعدوان أن يستجيب لذلك


  
 (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ)
التفسير:
قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }: { الصراط } فيه قراءتان: بالسين: {السراط} ، وبالصاد الخالصة: { الصراط

ملاحظة في القراءات:
1) إذا في الكلمة قراءتان أو أكثر فإن كانت القراءة تعطي مدلولا آخر ومعنى جديد في التفسير فلابد أن تبين وتوضح ويُجمع بين معانيها في التفسير أما إن كانت مجرد قراءة لفظية لاتؤثر في المعنى فتُذكر للبيانها ومعرفتها حتي لاتُنكر عند سماعها (أي من باب العلم بالشيء) مثال : (مالك وملك في الفاتحة) قراءتان كل كلمة لها معناها ومدلولها في التفسير فجُمع بينهما في التفسير وهذا يُعطي معنى أقوى وإعجاز للقرآن أما في كلمة الصراط  ففيها قراءة أخرى بالسين (السراط) ولكنها لم تغير المعني فنذكرها للبيان والإيضاح فقط.
2) القراءات الثابتة المتواترة فيها مدلول قوي على إعجاز القرآن فعلى الرغم من اختلاف القراءة في الكلمة الواحدة (اختلاف تنوع لاتضاد) فمع ذلك وصلت إلينا محفوظة عن التحريف وأعطت معاني كثيرة كلها تخدم نفس الكلمة وهذا مصداق قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكرَ وإنا له لحافظون) الحجر.

 والمراد بـ{ الصراط } الطريق؛ والمراد بـ "الهداية" هداية الإرشاد، وهداية التوفيق؛

ملاحظة: الهداية هداياتان:
هدية إرشاد  وودلالة وهداية توفيق وسداد.
فهداية الإرشاد تتضمن الدلالة والبيان والعلم بالشيء وهذه عامة تشمل الرسل ابتداء وكل من يدعو أو يُرشد أو يعلم سواء كان مؤمنا أو كافرًا ,كبيرا أو صغيرا ,رجلا أو امراءة وتكون في أمور الدين وفي أمور الدنيا مع الانتبهاه أن لانطلب هداية الإرشاد في الدين إلا من كتاب ربنا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم وصحابته والسلف الصالحين  والعلماء الربانيين .
أما الحكمة وأمور الدنيا فتؤخذ من أي أحد لأن الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها فهو أولى بها وأمور الدنيا لاتعبد فيها فلا يمنع أن تؤخذ من غير المسلمين.

وأما هداية التوفيق والسداد: فهي خاصة بالله تعالى لايملكها  أحدٌ سوى الله  .
ونذكر أنواع الهديات عند ابن القيم رحمه الله في كتاب ذوق الصلاة عند ابن القيم رحمه الله:
ثم تأمل ضرورته وفاقته(حاجته ) إلى قوله: }اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ{ الذي مضمونه:
1- معرفة الحق.         2- وقصده وإرادته.
3- والعمل به        4- والثبات عليه.
5- والدعوة إليه والصبر على أذى المدعو
فباستكمال هذه المراتب الخمس تستكمل الهداية وما نقص منها نقص من هدايته.
ولما كان العبد مفتقرًا إلى هذه الهداية في ظاهره وباطنه في جميع ما يأتيه ويذره من:
1- أمور قد فعلها على غير الهداية علمًا، وعملاً وإرادة فهو محتاج إلى التوبة منها وتوبته منها هي الهداية.
2- وأمور قد هدي إلى أصلها دون تفصيلها، فهو محتاج إلى هداية تفاصيلها.
3- وأمور قد هدي إليها من وجه دون وجه فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها؛ لتتم له الهداية ويزاد هدى إلى هداه.
4- وأمور يحتاج فيها إلى أن يحصل له من الهداية في مستقبلها مثلما حصل له في ماضيها.
5- وأمور يعتقد فيها بخلاف ما هي عليه، فهو محتاج إلى هداية تنسخ من قلبه ذلك الاعتقاد، وتثبت فيه ضده.
6- وأمور من الهداية هو قادر عليها، ولكن لم يخلق له  إرادة فعلها فهو محتاج في تمام الهداية إلى خلق إرادة يفعلها بها.
7- وأمور منها هو غير قادر على فعلها مع كونه مريدًا فهو محتاج في هدايته إلى إقداره عليها.
8- وأمور منها هو غير قادر عليها ولا مريد لها فهو محتاج إلى خلق القدرة والإرادة له لتتم له الهداية.
9- وأمور هو قائم بها على وجه الهداية اعتقادًا وإرادة وعملاً فهو محتاج إلى الثبات عليها واستدامتها.

هذه التسع نقاط جمعتها هداية التوفيق والتي هي من الله وحده وتتعلق بالعبد نفسه .
فلما كانت([1]) حاجته إلى سؤال الهداية أعظم الحاجات وفاقته إليها أشد الفاقات، فرض عليه الرب الرحيم هذا السؤال كل يوم وليلة في أفضل أحواله، وهي الصلوات الخمس مرات متعددة، لشدة ضرورته وفاقته إلى هذا المطلوب.


ثم بَيَّن أن سبيل أهل هذه الهداية مغاير لسبيل أهل الغضب وأهل الضلال، فانقسم الخلق إذًا ثلاثة أقسام بالنسبة إلى هذه الهداية:
1- مُنْعَمٌ عليه بحصولها، واستمرار حظه من النعم بحسب حظه من تفاصيلها وأقسامها.
2- وضال لم يُعْطَ هذه الهداية ولم يوفق لها.
3- ومغضوبٌ عليه عرفها ولم يوفق للعمل بموجبها.
فالأول: المُنعم عليه قام بالهدى ودين الحق علمًا، عملاً والضال منسلخ عنه علمًا وعملاً والمغضوب عليه عارف به علمًا منسلخ منه عملاً.


 فأنت بقولك: { اهدنا الصراط المستقيم } تسأل الله تعالى علماً نافعاً، وعملاً صالحاً؛ و{ المستقيم } أي الذي لا اعوجاج فيه..
الفوائد:
.1 من فوائد الآية: لجوء الإنسان إلى الله عزّ وجلّ بعد استعانته به على العبادة أن يهديه الصراط المستقيم؛ لأنه لا بد في العبادة من إخلاص؛ يدل عليه قوله تعالى: { إياك نعبد }؛ ومن استعانة يتقوى بها على العبادة؛ يدل عليه قوله تعالى: { وإياك نستعين }؛ ومن اتباع للشريعة؛ يدل عليه قوله تعالى: { اهدنا الصراط المستقيم }؛ لأن { الصراط المستقيم } هو الشريعة التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم.
.2 ومن فوائد الآية: بلاغة القرآن، حيث حذف حرف الجر (اهدنا إلى)    من { اهدنا }؛ والفائدة من ذلك: لأجل أن تتضمن طلب الهداية: التي هي هداية العلم، وهداية التوفيق؛ لأن الهداية تنقسم إلى قسمين: هداية علم، وإرشاد؛ وهداية توفيق، وعمل؛ فالأولى ليس فيها إلا مجرد الدلالة؛ والله عزّ وجلّ قد هدى بهذا المعنى جميع الناس، كما في قوله تعالى: {شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدًى للناس} [البقرة: 185] ؛ والثانية فيها التوفيق للهدى، واتباع الشريعة، كما في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لا ريب فيه هدًى للمتقين} [البقرة: 2] وهذه قد يحرمها بعض الناس، كما قال تعالى: {وأما ثمود فهديناهم فاستحبوا العمى على الهدى} [فصلت: 17] : {فهديناهم} أي بيّنّا لهم الحق، ودَلَلْناهم عليه؛ ولكنهم لم يوفقوا..
.3 ومن فوائد الآية: أن الصراط ينقسم إلى قسمين: مستقيم، ومعوج؛ فما كان موافقاً للحق فهو مستقيم، كما قال الله تعالى: {وأن هذا صراطي مستقيماً فاتبعوه} [الأنعام: 153] ؛ وما كان مخالفاً له فهو معوج..وهو صراط المغضوب عليهم والضالين وهو طريق الشيطان للغاوين.

ملاحظة:
إذا أضيفت كلمة صراط لله فينصرف الذهن فيها مباشرة إلى الصراط المستقيم , وإضافتها إلى الله إضافة تشريف {إيضاح :إذا أضيفت كلمة للفظ الجلالة (الله) فإذا كانت من الأمور المنفصلة عن الذات الإلهية فتكون إضافتها إضافة تشريف لهامثل رسول الله وبيت الله وناقة الله,أما لو كانت الإضافة مما لاينفصل عن الذات الإلهية فهي إضافة بيان كقولنا يد الله فوق أيديهم وقوله تعالى (فإنك بأعيننا)
وهذا يشمل كل ما أضيف إلى الله سبحانه وتعالى أو اسم من اسمائه سواء كان هذا الاسم صريحًا أو ضمير (بيته وصراطي) ,
أما إذا أطلقت كلمة الصراط دون تقيد بوصف يليها فتشمل القسمين لأن معنى الصراط هو الطريق ووصفه بمستقيم
يُخرج منه الصراط المعوج وعليه فالوصف الذي يليه هو الذي يُحدد معناه.




-------------------------------------------------
{1}

جواب قوله: «ولما كان العبد مفتقرًا..».







يُتْبَعُ بحول الله وقوته